responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 228


ثم أوعد سبحانه من ألهاه التكاثر وعيدا مؤكدا إذا عاين تكاثره هباء منثورا وعلم دنياه التي كاثر بها انما كانت خدعا وغرورا فوجد عاقبة تكاثره عليه لا له وخسر هنالك تكاثره كما خسر أمثاله وبدا له من الله ما لم يكن في حسابه وصار تكاثره الذي شغله عن الله والدار الآخرة من أعظم أسباب عذابه فعذب بتكاثره في دنياه ثم عذب به في البرزخ ثم يعذب به يوم القيامة فكان أشقى بتكاثره إذ أفاد منه العطب دون الغنيمة والسلامة فلم يفز من تكاثره إلا بأن صار من الأقلين ولم يحفظ به من علوه به في الدنيا إلا بأن حصل مع الأسفلين فياله تكاثراً ما أقله ورزءا ما أجله من غنى جالباً لكل فقر وخيراً توصل به إلى كل شر يقول صاحبه إذا انكشف عنه غطاؤه : ( يا ليتني قدمت لحياتي ) ( الفجر : 24 ) وعملت فيه بطاعة الله قبل وفاتي ( رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ) ( المؤمنون : 99 - 100 ) تلك كلمة يقولها فلا يعول عليها ورجعة يسألها فلا يجاب إليها .
وتأمل قوله أولاً : ( رب ) استغاث بربه ثم التفت إلى الملائكة الذين أمروا باحضاره بين يدي ربه تبارك وتعالى فقال : ( ارجعون ) ثم ذكر سبب سؤال الرجعة وهو أن يستقبل العمل الصالح فيما ترك خلفه من ماله وجاهه وسلطانه وقوته وأسبابه فيقال له : ( كلا ) لا سبيل لك إلى الرجعى وقد عمرت ما يتذكر فيه من تذكر .
ولما كان شأن الكريم الرحيم أن يجيب من استغاث وأن يفسح له في المهلة ليتذكر ما فاته أخبر سبحانه أن سؤال هذا المفرط الرجعة كلمة هو قائلها لا حقيقة تحتها وأن سجيته وطبيعته تأبى أن تعمل صالحاً لو أجيب وانما ذلك شيء يقوله بلسانه وأنه لو رد لعاد لما نهى عنه وأنه من الكاذبين فحكمة أحكم الحاكمين وعزته وعلمه وحمده يأبى إجابته إلى ما سأل فإنه لا فائدة في ذلك ولو رد لكانت حالته الثانية مثل حالته الأولى كما قال تعالى : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدأ لهم

228

نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست