نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 222
ينقل عن أحد منهم تفضيل أحد الصنفين على الآخر وقد قالت ثالثة : ليس لأحدهما على الأخرى فضيلة إلا بالتقوى فأيهما أعظم ايماناً وتقوى كان أفضل فان استويا في ذلك استويا في الفضيلة . قال : وهذا أصح الأقوال لأن نصوص الكتاب والسنة انما تفضل بالايمان والتقوى وقد قال تعالى : ( إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما ) ( النساء : 135 ) وقد كان في الأنبياء والسابقين الأولين من الأغنياء من هو أفضل من أكثر الفقراء وكان فيهم من الفقراء من هو أفضل من أكثر الأغنياء والكاملون يقومون بالمقامين فيقومون بالشكر والصبر على التمام كحال نبينا صلى الله عليه وسلم وحال أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . ولكن قد يكون الفقر لبعض الناس أنفع والغنى لآخرين أنفع كما تكون الصحة لبعضهم أنفع والمرض لبعضهم أنفع كما في الحديث الذي رواه البغوي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى : ( ان من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك اني أدبر عبادي اني بهم خبير بصير ) . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل الأغنياء ) وفي الحديث الآخر : لما علم الفقراء الذكر عقب الصلاة سمع بذلك الأغنياء فقالوا مثل ما قالوا فذكر ذلك الفقراء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) فالفقراء يتقدمون في دخول الجنة لخفة الحساب عليهم والأغنياء يؤخرون لأجل الحساب عليهم ثم إذا حوسب أحدهم فإن كانت حسناته أعظم من حسنات الفقير كانت درجته في الجنة فوقه
222
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 222