نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 218
واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة ) فقالت عائشة : ولم يا رسول الله قال : ( إنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفاً يا عائشة لا تردي المسكين ولو بشق تمرة يا عائشة أحبي المساكين وقربيهم فان الله يقربك يوم القيامة ) . قلت : لا حجة له في واحدة من الحجتين أما الآية فالصبر فيها يتناول صبر الشاكر على طاعته وصبره عن معصيته وصبر المبتلى بالفقر وغيره على بلائه ولو كان المراد بها الصبر على الفقر وحده لم يدل رجحانه على الشكر فان القرآن كما دل على جزاء الصابرين دل على جزاء الشاكرين أيضاً كما قال تعالى : ( وسنجزي الشاكرين ) ( آل عمران : 145 ) ( وسيجزي الله الشاكرين ) ( آل عمران : 144 ) بل قد أخبر أن رضاه في الشكر ورضاه أكبر من جزائه بالجنات وما فيها وإذا جزى الله الصابرين الغرفة بما صبروا لم يدل ذلك على أنه لا يجزي الشاكرين الغرفة بما شكروا . وأما الحديث فلا حجة فيه لوجهين : أحدهما : أنه لا يحتج باسناده فإنه من رواية محمد بن ثابت الكوفي عن الحارث بن النعمان والحارث هذا لم يحتج به أصحاب الصحيح بل قال فيه البخاري : منكر الحديث ولذلك لم يصحح الترمذي حديثه هذا ولا حسنه ولا سكت عنه بل حكم بغرابته . الجواب الثاني : أن الحديث لو صح لم يدل على مطلوبهم فان المسكنة التي يحبها الله من عبده ليست مسكنة فقر المال بل مسكنة القلب وهي انكساره وذله وخشوعه وتواضعه لله وهذه المسكنة لا تنافى الغنى ولا يشترط لها الفقر فان انكسار القلب لله ومسكنته لعظمته وجلاله وكبريائه وأسمائه وصفاته أفضل وأعلى من مسكنة عدم المال كما أن صبر الواجد عن معاصي الله طوعا واختيارا وخشية من الله ومحبة له أعلى من صبر الفقير العاجز وقد آتى الله جماعة من أنبيائه
218
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 218