نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 219
ورسله الغنى والملك ولم يخرجهم ذلك عن المسكنة لله . قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا الجريري عن أبي السليل قال : كان داوود النبي صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد فينظر أغمص حلقة من بني إسرائيل فيجلس إليهم ثم يقول : مسكين بين ظهراني مساكين هذا مع ما آتاه من الملك والغنى والبسطة زيادة على النبوة . قال أبو الحسن : وروى أبو برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن فقراء المسلمين ليدخلون الجنة قبل أغنيائهم بمقدار أربعين خريفاً حتى يتمنى أغنياء المسلمين يوم القيامة أنهم كانوا فقراء في الدنيا ) . قلت : هذا الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وروي عن أبي سعيد وأنس بن مالك ولا يدل ذلك على علو درجتهم إذا دخلوا الجنة قبل الأغنياء بل انما يدل على السبق لعدم ما يحاسبون عليه ولا ريب أن ولي الأمر العادل يتأخر دخوله للحساب وكذلك الغني الشاكر ولا يلزم من تأخر دخولهما نزول درجتهما عن درجة الفقير كما تقدم وانما تمنى الأغنياء أنهم كانوا في الدنيا فقراء فان صحت هذه اللفظة لم تدل على انحطاط درجتهم كما يتمنى القاضي العادل في بعض المواطن يوم القيامة أن لم يقض بين اثنين في تمرة لما يرى من شدة الأمر فمنزلة الفقر والخمول ومنزلة السلامة ومنزلة الغنى والولاية ومنزلة الغنيمة أو العطب . قال أبو الحسن : وروي ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه فقال : ( أي الناس خير ) فقال بعضهم : غني يعطي حق نفسه وماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نعم الرجل هذا وليس به ولكن خير الناس مؤمن فقير يعطي على جهد ) . قلت : لم يذكر لهذا الحديث اسناد فينظر فيه وحديث لا يعمد حاله لا يحتج به ولو صح لم يكن فيه دليل لأنه تضمن تفضيل فقير يتصدق من جهد فمعه فقر الصابرين وغنى الشاكرين فقد جمع بين موجب التفضيل وسببه ولا ريب أن هذا أفضل الأقسام الثلاثة ودرهمه الواحد يسبق مائة الف ألف درهم من غيره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبق درهم مائة الف درهم ) قالوا : يا رسول الله كيف سبق
219
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 219