responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 213


حيث ذكروا بهذا النعت في كل موضع ولو أراد الزراع لذكرهم باسمهم الذي يعرفون به كما ذكرهم به في قوله : ( يعجب الزراع ) ( الفتح : 29 ) وانما خص الكفار به لأنهم أشد اعجاباً بالدنيا فإنها دارهم التي لها يعملون ويكدحون ، فهم أشد إعجابا بزينتها وما فيها - من المؤمنين .
ثم ذكر سبحانه عاقبة هذا النبات وهو اصفراره ويبسه وهذا آخر الدنيا ومصيرها ولو ملكها العبد من أولها إلى آخرها فنهايتها ذلك فإذا كانت الآخرة انقلبت الدنيا واستحالت إلى عذاب شديد أو مغفرة من الله وحسن ثوابه وجزائه كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار عافية لمن فهم عنها ومطلب نجح لمن سالم فيها مساجد أنبياء الله ومهبط وحيه ومصلى ملائكته ومتجر أوليائه فيها اكتسبوا الرحمة وربحوا فيها العافية فمن ذا يذمها وقد آذنت بنيها ونعت نفسها وأهلها فتمثلت ببلائها وشوقت بسرورها إلى السرور تخويفاً وتحذيراً وترغيباً فذمها قوم غداة الندامة وحمدها آخرون ذكرتهم فذكروا ووعظتهم فاتعظوا فيا أيها الذام للدنيا المغتر بتغريرها متى استذمت إليك بل متى غرتك أبمنازل آبائك في الثرى أم بمضاجع أمهاتك في البلا كم رأيت موروثاً كما عللت بكفيك عليلاً كم مرضت مريضاً بيديك تبتغي له الشفاء وتستوصف له الأطباء ثم لم تنفعه شفاعتك ولم تسعفه طلبتك مثلت لك الدنيا غداة مصرعه مصرعك ومضجعه مضجعك ثم التفت إلى المقابر فقال : يا أهل الغربة ويا أهل التربة أما الدور فسكنت وأما الأموال فقسمت وأما الأزواج فنكحت فهذا خبر ما عندنا فهاتوا خبر ما عندكم . ثم التفت إلينا فقال : أما لو أذن لهم لأخبروكم أن خير الزاد التقوى .
فالدنيا في الحقيقة لا تذم وانما يتوجه الذم إلى فعل العبد فيها وهي قنطرة أو معبر إلى الجنة أو إلى النار ولكن لما غلبت عليها الشهوات والحظوظ والغفلة والاعراض عن الله والدار الآخرة فصار هذا الغالب على أهلها وما فيها وهو الغالب على اسمها صار لها اسم الذم عند الاطلاق والا فهي مبنى الآخرة

213

نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست