نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 214
ومزرعتها ومنها زاد الجنة وفيها اكتسبت النفوس الايمان ومعرفة الله ومحبته وذكره ابتغاء مرضاته وخير عيش ناله أهل الجنة في الجنة انما كان بما زرعوه فيها وكفى بها مدحاً وفضلاً لأولياء الله فيها من قرة العيون وسرور القلوب وبهجة النفوس ولذة الأرواح والنعيم الذي لا يشبهه نعيم بذكره ومعرفته ومحبته وعبادته والتوكل عليه والإنابة إليه والأنس به والفرح بقربه والتذلل له ولذة مناجاته والاقبال عليه والاشتغال به عمن سواه وفيها كلامه ووحيه وهداه وروحه الذي ألقاه من أمره فأخبر به من شاء من عباده . ولهذا فضل ابن عقيل وغيره هذا على نعيم الجنة وقالوا : هذا حق الله عليهم وذاك حظهم ونعيمهم وحقه أفضل من حقهم قالوا : والايمان والطاعة أفضل من جزائه . والتحقيق أنه لا يصح التفضيل بين أمرين في دارين مختلفين ولو أمكن اجتماعهما في دار واحدة لأمكن طلب التفضيل والايمان والطاعة في هذه الدار أفضل ما فيها ودخول الجنة والنظر إلى وجه الله جل جلاله فهذا أفضل ما في هذه الدار وهذا أفضل ما في الدار الأخرى ولا يصح أن يقال : فأي الأمرين أفضل فهذا أفضل الأسباب وهذا أفضل الغايات وبالله التوفيق . [ فصل ] ولما وصف سبحانه حقيقة الدنيا وبين غايتها ونهايتها وانقلابها في الآخرة إلى عذاب شديد ومغفرة من الله وثواب أمر عباده بالمسابقة والمبادرة إلى ما هو خير وأبقى وأن يؤثروه على الفاني المنقطع المشوب بالانكاد والتنغيص . ثم أخبر أن ذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وقال تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كما أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً ) ( الكهف : 45 ) .
214
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 214