نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 203
جديد أولئك الذين كفروا بربهم ) . وذلك أن انكار المعاد يتضمن انكار قدرة الرب وعلمه وحكمته وملكه الحق وربوبيته وألوهيته كما أن تكذيب رسله وجحد رسالتهم يتضمن ذلك أيضاً فمن كذب رسله وجحد المعاد فقد أنكر ربوبيته سبحانه ونفى أن يكون رب العالمين . والمقصود أنه سبحانه وتعالى خلق الغنى والفقر مطيتين للابتلاء والامتحان ولم ينزل المال لمجرد الاستمتاع به كما في المسند عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى : إنا نزلنا المال لإقام الصلاة وايتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانياً ولو كان له ثان لابتغى له ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ) فأخبر سبحانه أنه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقه بالصلاة وإقامة حق عباده بالزكاة لا للاستمتاع والتلذذ كما تأكل الأنعام فإذا زاد المال عن ذلك أو خرج عن هذين المقصودين فان الغرض والحكمة التي أنزل لها كان التراب أولى به فرجع هو والجوف الذي امتلأ به بما خلق له من الايمان والعلم والحكمة فإنه خلق لأن يكون وعاء لمعرفة ربه وخالقه والايمان به ومحبته وذكره وأنزل عليه من المال ما يستعين به على ذلك فعطل الجاهل بالله وبأمر الله وبتوحيد الله وبأسمائه وصفاته جوفه عما خلق له وملأه بمحبة المال الفاني الذاهب الذي هو ذاهب عن صاحبه أو بالعكس وجمعه والاستكثار منه ومع ذلك فلم يمتلأ بل ازداد فقراً وحرصاً إلى أن امتلأ جوفه بالتراب الذي خلق منه فرجع إلى مادته الترابية التي خلق منها هو وماله ولم تكتمل مادته بامتلاء جوفه من العلم والإيمان الذي بهما كماله وفلاحه وسعادته في معاشه ومعاده . فالمال ان لم ينفع صاحبه ضره ولا بد وكذلك العلم والملك والقدرة كل ذلك ان لم ينفعه ضره فان هذه الأمور وسائل لمقاصد يتول بها إليها في الخير والشر فان عطلت عن التوسل بها إلى المقاصد والغايات المحمودة توسل بها إلى أضدادها فأربح الناس من جعلها وسائل إلى الله والدار الآخرة وذلك الذي ينفعه في معاشه ومعاده وأخسر الناس من توسل بها إلى هواه ونيل شهواته
203
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 203