نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 201
[ فصل ] والله سبحانه كما هو خالق الخلق فهو خالق ما به غناهم وفقرهم فخلق الغنى والفقر ليبتلى بهما عباده أيهم أحسن عملاً وجعلهما سبباً للطاعة والمعصية والثواب والعقاب قال تعالى : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) ( الأنبياء : 35 ) . قال ابن عباس رضي الله عنهما : بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام وكلها بلاء . وقال ابن يزيد : نبلوكم بما تحبون وما تكرهون للنظر كيف صبركم وشكركم فيما تحبون وما تكرهون . وقال الكلبي : بالشر والفقر والبلاء والخير بالمال والولد . فأخبر سبحانه أن الغنى والفقر مطيتا الابتلاء والامتحان وقال تعالى : ( فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا كلا ) ( الفجر : 15 - 17 ) فأخبر سبحانه أنه يبتلى عبده باكرامه له وبتنعيمه له وبسط الرزق عليه كما يبتليه بتضييق الرزق وتقديره عليه وإن كليهما ابتلاء منه وامتحان ثم أنكر سبحانه على من زعم أن بسط الرزق وتوسعته إكرام من الله لعبده وأن تضييقه عليه إهانة منه له فقال : ( كلا ) أي ليس الأمر كما يقول الانسان بل قد ابتلي بنعمتي وأنعم ببلائي وإذا تأملت ألفاظ الآية وجدت هذا المعنى يلوح على صفحاتها ظاهراً للمتأمل وقال تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما أتاكم ) ( الأنعام : 165 ) وقال تعالى : ( إن جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً ) ( الكهف : 7 ) فأخبر سبحانه أنه زين الأرض بما عليها من المال
201
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 201