نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 195
المقدور وزادوا عليهم بالشكر بنوافل المال فلو كان للفقراء بصبرهم نوافل تزيد على نوافل الأغنياء لفضلوهم بها . فان قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه مفاتيح كنوز الدنيا فردها وقال : ( بل أشبع يوماً وأجوع يوماً ) وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنهما قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز البر ومات ودرعه مرهونة عند يهودي على طعام أخذه لأهله . وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن عبارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً ) . وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن محمد حدثنا عباد بن عباد حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت على امرأة من الأنصار فرأت فراش النبي صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية فرجعت إلى منزلها فبعثت إلى بفراش حشوه الصوف فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا فقلت : فلانة الأنصارية دخلت على فرأت فراشك فبعثت إلى بهذا فقال : رديه فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي حتى قال لي ذلك ثلاث مرات فقال : ( يا عائشة رديه فوالله لو شئت لأجري الله معي جبال الذهب والفضة ) فرددته ولم يكن الله سبحانه ليختار لرسوله إلا الأفضل هذا مع أنه لو أخذ الدنيا لأنفقها كلها في مرضاة الله ولكان شكره بها فوق شكر جميع العالمين . قيل : احتج بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحدة من الطائفتين والتحقيق أن الله سبحانه وتعالى جمع له بين المقامين كليهما على أتم الوجوه وكان سيد الأغنياء الشاكرين وسيد الفقراء الصابرين فحصل له من الصبر على الفقر ما لم يحصل لأحد سواه ومن الشكر على الغنى ما لم يحصل لغني سواه ومن تأمل سيرته وجد الأمر كذلك فكان صلى الله عليه وسلم أصبر الخلق في مواطن الصبر وأشكر الخلق في مواطن الشكر وربه تعالى كمل له مراتب الكمال فجعله في أعلى رتب الأغنياء الشاكرين وفي
195
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 195