نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 192
يزولان فالمقدور الواحد يتعلق به الشكر والصبر سواء أكان محبوباً أو مكروهاً فالفقر مثلاً يتعلق به الصبر وهو أخص به لما فيه من الكراهة ويتعلق به الشكر لما فيه من النعمة فمن غلب شهود نعمته وتلذذ به واستراح واطمأن إليه عده نعمة يشكر عليها ومن غلب شهود ما فيه من الابتلاء والضيق والحاجة عده بلية يصبر عليها وعكسه الغنى . على أن الله سبحانه ابتلى العباد بالنعم كما ابتلاهم بالمصائب وعد ذلك كله ابتلاء فقال : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) ( الأنبياء : 35 ) وقال : ( فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ) ( الفجر : 15 - 16 ) وقال : ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً ) ( الكهف : 7 ) وقال : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) ( الملك : 2 ) وقال : ( وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) ( هود : 7 ) فأخبر سبحانه أنه خلق العالم العلوي والسفلي وقدر أجل الخلق وخلق ما على الأرض للابتلاء والاختبار وهذا الابتلاء انما هو ابتلاء صبر العباد وشكرهم في الخير والشر والسراء والضراء فالابتلاء من النعم من الغنى والعافية والجاه والقدرة وتأتي الأسباب أعظم الابتلائين والصبر على طاعة الله أشق الصبرين كما قال الصحابة رضي الله عنهم : ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر والنعمة بالفقر والمرض وقبض الدنيا وأسبابها وأذى الخلق قد يكون أعظم النعمتين وفرض الشكر عليها أوجب من الشكر على أضدادها . فالرب تعالى يبتلى بنعمه وينعم بابتلائه غير أن الصبر والشكر حالتان لازمتان للعبد في أمر الرب ونهيه وقضائه وقدره لا يستغنى عنهما طرفة عين
192
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 192