نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 170
نعمة الله فيما زوى عني من الدنيا أعظم من نعمته فيما أعطاني منها أني رأيته أعطاها أقواماً فهلكوا وكل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية وإذا رأيت الله يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره . وذكر كاتب الليث عن هل عن الأوزاعي أنه وعظهم فقال في موعظته : أيها الناس تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة فإنكم في دار الثواب فيها قليل وأنتم فيها مرجون خلائف من بعد القرون الذين استقبلوا من الدنيا أنفعها وزهرتها فهم كانوا أطول منكم أعماراً وأمدا أجساماً وأعظم آثاراً فقطعوا الجبال وجابوا الصخور ونقبوا في البلاد مؤيدين ببطش شديد وأجسام كالعماد فما لبثت الأيام والليالي أن طوت مددهم وعفت آثارهم وأخوت منازلهم وأنست ذكرهم فما تحس منهم من أحد ولا تسمع لهم ركزاً كانوا يلهون آمنين لبيات قوم غافلين أو لصباح قوم نادمين ثم أنكم قد علمتم الذي نزل بساحتهم بياتاً من عقوبة الله فأصبح كثير منهم في دارهم جاثمين وأصبح الباقون ينظرون في آثارهم نقمة وزوال نعمة ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وعبرة لمن يخشى وأصبحتم من بعدهم في أجل منقوص ودنيا مقبوضة وزمان قد ولى عفوه وذهب رخاؤه فلما يبق منه إلا حماة شر وصبابة كدر وأهاويل عبر وعقوبات غير وارسال فتن وتتابع زلازل ورذلة خلف بهم ظهر الفساد في البر والبحر ولا تكونوا أشباهاً لمن خدعه الأمل وغره طول الأجل وتبلغ بطول الأماني نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن وعى إنذاره وعقل بشراه فمهد لنفسه . وكان يقال : الشكر ترك المعصية .
170
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 170