نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 150
ثم أوردوا على أنفسهم سؤالاً فقالوا : فان قيل فقد حث الشرع على الأعمال وانفصلوا عنه بأن قالوا : الطبيب إذا اثنى على الدواء لم يدل على أن الدواء يراد لعينه ولا أنه أفضل من الشفاء الحاصل به ولكن الأعمال علاج لمرض القلوب ومرض القلوب مما لا يشعر به غالباً فوقع الحث على العمل المقصود وهو شفاء القلب فالفقير الآخذ لصدقتك يستخرج منك داء البخل كالحجام يستخرج منك الدم المهلك . قالوا : وإذا عرف هذا عرف أن حال الصابر حال المحافظ على الصحة والقوة وحال الشكر حال المتداوي بأنواع الأدوية لإزالة مواد السقم . [ فصل ] قال الشاكرون : لقد تعديتم طوركم وفضلتم مقاماً غيره أفضل منه وقدمتم الوسيلة على الغاية والمطلوب لغيره على المطلوب لنفسه والعمل الكامل على الاكمال والفاضل على الأفضل ولم تعرفوا للشكر حقه ولا وقيتموه مرتبته وقد قرن تعالى ذكره الذي هو المراد من الخلق بذكره وكلاهما هو المراد بالخلق والأمر والصبر خادم لهما ووسيلة إليهما وعوناً عليهما قال تعالى : ( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) ( البقرة : 152 ) . وقرن سبحانه الشكر بالايمان وأخبر أنه لا غرض له في عذاب خلقه أن شكروا وآمنوا به فقال : ( ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وآمنتم ) ( النساء : 147 ) أي ان وفيتم ما خلقتم له وهو : الشكر والايمان فما أصنع بعذابكم ؟ ! . هذا وأخبر سبحانه أن أهل الشكر هم المخصوصون بمنته عليهم من بين عباده فقال : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ) ( الأنعام : 53 ) .
150
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 150