نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 146
يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها - قال الله تعالى - إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) وما ذاك إلا لأنه صبر النفس ومنعها من شهواتها كما في الحديث نفسه : ( يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن أفضل الأعمال : ( عليك بالصوم فإنه لا عدل له ) ولما كان الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الهوى وكان هذا حقيقة الصوم فإنه حبس النفس عن إجابة داعي شهوة الطعام والشراب والجماع فسر الصبر في قوله تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) ( البقرة : 45 ) أنه الصوم وسمي رمضان شهر الصبر وقال بعض السلف : الصوم نصف الصبر وذلك أن الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الشهوة والغضب فان النفس تشتهي الشيء لحصول اللذة بادراكه وتغضب لنفرتها من المؤلم لها والصوم صبر عن مقتضى الشهوة فقط وهي شهوة البطن والفرج دون مقتضى الغضب ولكن من تمام الصوم وكماله صبر النفس عن إجابة داعي الأمرين وقد أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وهو قوله : ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يجهل ولا يصخب فان أحد سابه أو شاتمه فليقل : إني صائم ) فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى تعديل قوى الشهوة والغضب وأن الصائم ينبغي له أن يحتمي من إفسادهما لصومه فهذه تفسد صومه وهذه تحبط أجره كما قال في الحديث الآخر : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) . قالوا : ويكفي في فضل الصبر على الشكر قوله تعالى : ( إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ) ( المؤمنون : 111 ) فجعل فوزهم جزاء صبرهم وقال تعالى : ( والله مع الصابرين ) ( البقرة : 249 ) لا شيء يعدل معيته لعبده كما قال بعض
146
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 146