تسعيراتهم بحيث لم يمكن لي الإقامة ، وذهبت عني الاستقامة ، فرجعت إلى الوطن مع التأوّه والحسرة ، فبعد ما لاقتني والدتي لامتني أشدّ اللَّوم ، فعرضتني الندامة وعرّفتني الملامة ، فما مكثت إلَّا أياما قلائل حتى اضطرتني إلى الرجوع ، فبعد ما مضت ستة أيام من الرجوع وأنكرتني في كل حالاتي من القيام والقعود ، أخذت السير في الطريق بلا اهتداء وزاد وسويق ، وبعد وصولي إلى القزوين آليت أن لا أرجع إلَّا بعد أن كان حملي ملآن وعطشي ريّان ، فانشغلت في مدرسة بعد مدرسة سبع سنين ، واستغنيت من السطوح والمتون ، وكتبت في الأصول تقريرات المشايخ كراريس ، واشتغلت في العلوم الرياضية في الأيام المعطلة ، واشتغلت كذلك برهة في الارتياض مع الكلام والحكمة ، ثم سافرت إلى أصفهان واشتغلت بجد وكد بالفقه والأصول وتلقيت فيها من الألطاف الخفية الإلهية اجتماع الأسباب والتوفيق ، فلازمت الدرس والبحث والتأليف والتصنيف خمس سنين وبالغت في التعطيلات في علم الرجال والدراية برهة من الأيام ، وكتبت في الأصول تمام مباحث الألفاظ وسميته معراج الوصول إلى علم الأصول ، ثم رسالة في التضييق والتوسعة المسماة بمجمل الشرعة ، ثم رسالة مبسوطة في الرجال حاوية لاصطلاحات علماء الرجال وتمييز جملة من المشتركات وهي هذه ، فبعد ما قضيت الوطر فيها رجعت إلى القزوين ، ولم أمكث فيها إلَّا شهورا وسافرت إلى الوطن زائرا للامّ وواصلا للرحم ، ثم رجعت إلى القزوين وعزمت إلى العتبات العاليات فأقمت بعد تشرفي بتقبيل عتبة خامس آل العباء عليه آلاف التحية والثناء ، واشتغلت بالبحث في الفقه والأصول ، واختلفت إلى المشايخ وكتبت في الفقه مسائل الطهارة وبرزت منها كراريس ، ثم جاورت النجف الأشرف خمس سنين وألَّفت فيها تمام مسائل الطهارة ومجلَّد من الصلاة ثم دعتني الحوائج وكثرة الديون إلى الانصراف وعاقتني العوائق عن طول المكث و [ كثرة ] الديّان فانصرفت إلى القزوين وسكنت فيها واشتغلت بالبحث والتدريس والتأليف ، ولم أر نفسي معرضا عن الاشتغال والبحث مع الطلاب في جميع الأحوال حتى الآن مع كثرة حوائج