نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 244
وهل يطلق على الاثنين حقيقة أم لا ؟ واختار القاضي أن أقل الجمع اثنان ، واستدل بإجماع أهل اللغة على جواز إطلاق اسم الجمع على اثنين في قولهم : فعلتم وفعلنا وتفعلون ، وقد ورد به القرآن ، قال الله تعالى في قصة موسى وهارون : * ( إنا معكم مستمعون ) * ( الشعراء : 51 ) وقال : * ( فررتم ) * ( يوسف : 38 ) وهما يوسف وأخوه ، وقال : * ( فقد صغت قلوبكما ) * ( التحريم : 4 ) ولهما قلبان ، وقال : * ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث ) * ( الأنبياء : 87 ) إلى قوله : * ( وكنا لحكمهم شاهدين ) * ( الأنبياء : 87 ) وهما اثنان ، وقال : * ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) * ( الحجرات : 9 ) وهما طائفتان ، وقال : * ( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ) * ( ص : 12 ) وهما ملكان ، فإن قيل : عن كل واحد من هذا جواب ، فقوله : * ( إنا معكم مستمعون ) * ( الشعراء : 51 ) يعني هارون وموسى وفرعون وقومه وهم جماعة ، وقوله : * ( قلوبكما ) * ( التحريم : 4 ) لضرورة استثقال الجمع بين اثنتين ، مع أن القلوب على وزن الواحد في بعض الألفاظ ، وقوله : * ( عسى الله يأتيني بهم جميعا ) * ( يوسف : 38 ) أراد به يوسف وأخاه ، والأخ الأكبر الذي تخلف عن الاخوة ، وقوله تعالى : * ( وكنا لحكمهم شاهدين ) * ( الأنبياء : 87 ) أي حكمهما مع الجمع المحكوم عليهم ، وقوله : * ( وإن طائفتان ) * ( الحجرات : 9 ) كل طائفة جمع ، قلنا : هذه تعسفات وتكلفات إنما يحوج إليها ضرورة نقل من أهل اللغة في استحالة إطلاق اسم الجمع على الاثنين وإذا لم يكن نقل صريح فيحمل خلافهم على الحقيقة كما ورد ، فإن قيل : ههنا أدلة أربعة الأول : أن الاثنين لو كانا جمعا لكان قولنا فعلا اسم جمع ، فليجز إطلاقه على الثلاثة فصاعدا ، كقوله : فعلوا ، فإنه لما كان اسم جمع جاز على الثلاثة فما فوقها ، قلنا : فعلوا اسم جمع مشترك بين سائر أعداد الجمع ، وفعلا اسم جمع خاص ، لان الجمع لا يستدعي إلا الانضمام ، وذلك يحصل في الاثنين ، وهو كالعشرة ، فإنه اسم مع ، لكن جمع خاص ، فلا يصلح لغيره ، وكيف ينكر كون الاثنين جمعا . ويقول الرجلان : نحن فعلنا ، فإن قيل : قد يقول الواحد ذلك ، كقوله : * ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) * ( القدر : 1 ) قلنا : ذلك مجاز بالاتفاق وهذا ليس بمجاز . الثاني : قولهم أجمع أهل اللغة على أن الأسماء ثلاثة أضرب : توحيد وتثنية وجمع ، وهو رجل ورجلان ورجال ، فلتكن هذه الثلاثة متباينة ، قلنا : ما قالوا الرجلان ليس اسم جمع لكن وضعوا البعض أعداد الجمع اسما خاصا كالعشرة ، وجعلوا اسم الرجال مشتركا . الثالث : قولهم فرق في اللسان بين الرجال والرجلين ، وما ذكرتموه رفع للفرق ؟ قلنا : الفرق أن الرجلين اسم جمع خاص وهو للاثنين ، والرجال اسم جمع مشترك لكل جمع من الاثنين والثلاثة ، فما زاد . الرابع : قولهم لو صح هذا لجاز أن يقال : رأيت اثنين رجال ، كما يقال رأيت ثلاثة رجال ، قلنا : هذا ممتنع لان العرب لم تستعمله على هذا الوجه ، ولا يمكن تعدي عرفهم ، وعلى الجملة فمن يرد لفظ الجمع إلى الاثنين ربما يفتقر إلى دليل أظهر ممن يرده إلى الثلاثة ، وإذا رده إلى الواحد فقد غير اللفظ النص بقرينة ، فإن قيل : فقد يقول لامرأته أتخرجين وتكلمين الرجال ، وربما يريد رجلا واحدا ؟ قلنا : ذلك استعمال لفظ الجمع بدلا
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 244