نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 232
مطيعا بالانفاق على الجميع لأجل قرينة لحاجة إلى النفقة ، أو أعط من دخل داري ، فهو بقرينة إكرام الزائر ، فهذا وما يجري مجراه إذا قدروه فسبيلنا أن نقدر أضدادها ، فإنه لو قال : لا تنفق على عبيدي وزوجاتي كان عاصيا بالانفاق مطيعا بالتضييع ، ولو قال : اضربهم ، لم يكن عليه أن يقتصر على ثلاثة ، بل إذا ضرب جميعهم عد مطيعا ، ولو قال : من دخل داري فخذ منه شيئا ، بقي العموم ، بل نقدر ما لا غرض في نفيه وإثباته ، فلو قال : من قال من عبيدي جيم فقل له صاد ، ومن قال من جواري ألف فأعتقها فامتثل أو عصى ، كان ما ذكرناه من سقوط الاعتراض وتوجهه جاريا ، بل نعلم قطعا أنه لو ورد من صادق عرف صدقه بالمعجزة ، ولم يعش إلا ساعة من نهار ، وقال في تلك الساعة : من سرق فأقطعوه ، ومن زنى فاضربوه والصلاة واجبة على كل عاقل بالغ ، وكذلك الزكاة ، ومن قتل مسلما فعلية القصاص ، ومن كان له ولد فعليه النفقة ، ومات عقيب هذا الكلام ولم نعرف له عادة ولا أدركنا من أحواله قرينة ولا صدر منه سوى هذه الألفاظ إشارة ورمزا ولا ظهر في وجهه حالة ، لكنا نحكم بهذه الألفاظ ونتبعها ، ولا يقال : جاء بألفاظ مشتركة مجملة ومات قبل أن يبينها ، فلا يمكن العمل بها ، ولو قدروا قرينة في نطقه وصورة حركته عند كلامه فليقدر أنه كتب في كتاب وسلمه إلينا وقال : اعملوا بما فيه ومات ، وإن قدروا قرينة مناسبة بين هذه الجنايات والعقوبات فنقدر أمورا لا مناسبة فيها ، كحروف المعجم ، فإذا قال : من قال لكم ألف فقولوا جيم وأمثاله ، فيكون جميع ذلك مفهوما معمولا به ، وكل قرينة قدروها فنقدر نفيها ويبقى ما ذكرنا بمجرد اللفظ ، وبهذا تبين أن الصحابة إنما تمسكوا بالعمومات بمجرد اللفظ وانتفاء القرائن المخصصة ، لا أنهم طلبوا قرينة معممة وتسوية بين أقل الجمع والزيادة ، فإن قيل : إذا قال : من دخل داري فأعطه ، فيحسن أن يقال : ولو كان كافرا فاسقا ، فربما يقول نعم ، وربما يقول لا ، فلو عم اللفظ فلم حسن الاستفهام ؟ قلنا : لا يحسن أن يقال : وإن كان طويلا أو أبيض أو محترفا وما جرى مجراه ، وإنما حسن السؤال عن الفاسق ، لأنه يفهم من الاعطاء الاكرام ، ويعلم من عادته أنه لا يكرم الفاسق ، أو علم من عادة الناس ذلك فتوهم أنه يقتدي بالناس فيه ، فلتوهم هذه القرينة المخصصة حسن منه السؤال ، ولذلك لم يحسن في سائر الصفات ، ولذلك لو لم يراجع وأعطى الفاسق وعاتبه السيد فله أن يقول : أمرتني بإعطاء كل داخل وهذا قد دخل فيقول السيد : كان ينبغي أن تعرف بعقلك أن هذا إكرام ، والفاسق لا يكرم ، فيتمسك بقرينة مخصصة ، فربما يكون مقبولا ، فلو لم يقل هذا ولكن قال : كان لفظي مشتركا غير مفهوم ، فلم أقدمت قبل السؤال ؟ لم يكن هذا العتاب متوجها قطعا ، فإن قيل فقد فرضتم الكلام في أداة الشرط ، وقد قال بعمومه من أنكر سائر العمومات ، فما الدليل في سائر الصور ؟ قلنا : هذا يجري في ( من ) و ( ما ) و ( متى ) و ( حيث ) وأي وقت ، وأي شخص ونظائره ، ويجري أيضا في النكرة في النفي ، كقوله : ما رأيت أحدا مثل قوله تعالى : * ( ما أنزل الله على بشر من شئ ) * ( الانعام : 19 ) وكذلك في قولهم : ( كل ) و ( جميع ) و ( أجمعون ) بل هو أظهر ، وهو النوع الثالث ، وكذلك في النوع الرابع وهي صيغ الجموع ، كالفقراء والمساكين ، وهذا أيضا جار فيه ، فإنه إذا قال لعبده : أعط الفقراء واقتل المشركين ، واقتصر على هذا ، وانتفت القرائن
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 232