نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 209
الأقسام إلا بقرينة ، كالألفاظ المشتركة ، فإن قيل : أليس قوله : لا تفعل أفاد التحريم ، فقوله : إفعل ينبغي أن يفيد الايجاب ، قلنا : هذا قد نقل عن الشافعي ، والمختار أن قوله : لا تفعل متردد بين التنزيه والتحريم كقوله : إفعل ولو صح ذلك في النهي لما جاز قياس الامر عليه ، فإن اللغة تثبت نقلا لا قياسا ، فهذه شبههم اللغوية والعقلية . أما الشبهة الشرعية : فهي أقرب ، فإنه لو دل دليل الشرع على أن الامر للوجوب لحملناه على الوجوب لكن لا دليل عليه ، وإنما الشبهة الأولى قولهم نسلم أن اللغة والعقل لا يدل على تخصيص الامر بالوجوب لكن يدل عليه من جهة الكتاب قوله تعال : * ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) [ النور : 54 ] وهذا لا حجة فيه ، لان الخلاف في قوله : * ( وأطيعوا ) قائم أنه للندب أو الوجوب وقوله : * ( عليه ما حمل وعليكم ما حملتم ) أي : كل واحد عليه ما حمل من التبليغ والقبول ، وهذا إن كان معناه التهديد والنسبة إلى الاعراض عن الرسول عليه السلام فهو دليل على أنه أراد به الطاعة في أصل الايمان ، وهو على الوجوب بالاتفاق ، وغاية هذا اللفظ عموم فنخصه بالأوامر التي هي على الوجوب ، وكل ما يتمسك به من الآيات من هذا الجنس ، فهي صيغ أمر يقع النزاع في أنه للندب أم لا ، فإن اقترن بذكر وعيد فيكون قرينة دالة على وجوب ذلك الامر خاصة فإن كان أمرا عاما يحمل على الامر بأصل الدين ، وما عرف بالدليل أنه على الوجوب ، وبه يعرف الجواب عن قوله تعالى : * ( وما آتاكم الرسول فخذوه ) * ( الحشر : 7 ) وقوله تعالى : * ( وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ) * ( المرسلات : 84 ) وقوله تعالى : * ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) * ( النساء : 56 ) فكل ذلك أمر بتصديقه ونهى عن الشك في قوله ، وأمر بالانقياد في الاتيان بما أوجبه الشبهة الثانية : تمسكهم بقوله : * ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) * ( النور : 36 ) قلنا : تدعون أنه نص في كل أمر أو عام ، ولا سبيل إلى دعوى النص ، وإن ادعيتم العموم فقد لا نقول بالعموم ونتوقف في صيغته ، كما نتوقف في صيغة الامر أو نخصصه بالامر بالدخول في دينه ، بدليل أن ندبه أيضا أمره ، ومن خالف عن أمره في قوله تعالى : * ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) * ( النور : 33 ) وقوله : * ( واستشهدوا شهيدين ) * ( البقرة : 282 ) وأمثاله لا يتعرض للعقاب ، ثم نقول هذا نهي عن المخالفة وأمر بالموافقة أي يؤتى به على وجهه إن كان واجبا فواجبا ، وإن كان ندبا فندبا ، والكلام في صيغة الايجاب لا في الموافقة والمخالفة ، ثم لا تدل الآية إلا على وجوب أمر الرسول عليه السلام ، فأين الدليل على وجوب أمر الله تعالى . الشبهة الثالثة : تمسكهم من جهة السنة بأخبار آحاد ، لو كانت صريحة صحيحة لم يثبت بها مثل هذا الأصل ، وليس شئ منها صريحا ، فمنها قوله عليه السلام لبريرة وقد عتقت تحت عبد وكرهته : لو راجعتيه فقالت : بأمرك يا رسول الله ؟ فقال : لا ، إنما أنا شافع فقالت : لا حاجة لي فيه فقد علمت أنه لو كان أمرا لوجب وكذلك عقلت الأمة ، قلنا : هذا وضع
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 209