نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 208
وجه إلا التوقف ، نعم : يجوز الاستدلال به على بطلان قول من يقول أنه منهي عنه محرم ، لأنه ضد الوجوب والندب جميعا . الشبهة الثانية : التمسك بقوله عليه السلام : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شئ فانتهوا ففوض الامر إلى استطاعتنا ومشيئتنا ، وجزم في النهي طلب الانتهاء ، قلنا ، هذا اعتراف بأنه من جهة اللغة ، والوضع ليس للندب واستدلال بالشرع ، ولا يثبت مثل ذلك بخبر الواحد لو صحت دلالته ، كيف ولا دلالة له إذ لم يقل فافعلوا ما شئتم ، بل قال : ما استطعتم ، كما قال : فاتقوا الله ما استطعتم وكل إيجاب مشروط بالاستطاعة ، وأما قوله : فانتهوا ، كيف دل على وجوب الانتهاء ، وقوله : فانتهوا صيغة أمر ، وهو محتمل للندب . شبه الصائرين إلى أنه للوجوب وجميع ما ذكرناه في إبطال مذهب الندب جار هاهنا وزيادة ، وهو أن الندب داخل تحت الامر حقيقة كما قدمناه ، ولو حمل على الوجوب لكان مجازا في الندب ، وكيف يكون مجازا فيه مع وجود حقيقته ، إذ حقيقة الامر ما يكون ممتثله مطيعا ، والممتثل مطيع بفعل الندب ، ولذلك إذا قيل : أمرنا بكذا حسن أن يستفهم ، فيقال : أمر إيجاب أو أمر استحباب وندب ، ولو قال : رأيت أسدا لم يحسن أن يقال : أردت سبعا أو شجاعا ، لأنه موضوع للسبع ، ويصرف إلى الشجاع بقرينة ، وشبههم سبع : الأولى : قولهم إن المأمور في اللغة والشرع جميعا يفهم وجوب المأمور به حتى لا يستبعد الذم والعقاب عند المخالفة ، ولا الوصف بالعصيان ، وهم اسم ذم ، ولذلك فهمت الأمة وجوب الصلاة والعبادات ، ووجوب السجود لآدم بقوله اسجدوا ، [ البقرة : 34 ، الأعراف : 11 ، الاسراء : 61 ، ، الكهف : 50 ، طه : 116 ، ] وبه يفهم العبد والولد وجوب أمر السيد والوالد ، قلنا : هذا كله نفس الدعوى وحكاية المذهب ، وليس شئ من ذلك مسلما ، وكل ذلك علم بالقرائن ، فقد تكون للآمر عادة مع المأمور ، وعهد وتقترن به أحوال وأسباب ، بها يفهم الشاهد الوجوب ، واسم العصيان لا يسلم إطلاقه على وجه الذم إلا بعد قرينة الوجوب ، لكن قد يطلق لا على وجه الذم ، كما يقال : أشرت عليك فعصيتني وخالفتني . الشبهة الثانية : أن الايجاب من المهمات في المحاورات ، فإن لم يكن قولهم : إفعل عبارة عنه فلا يبقى له اسم ، ومحال إهمال العرب ذلك ، قلنا : هذا يقابله أن الندب أمر مهم فليكن إفعل عبارة عنه ، فإن زعموا أن دلالته قولهم ندبت وأرشدت ورغبت ، فدلالة الوجوب قولهم : أوجبت وحتمت وفرضت وألزمت ، فإن زعموا أنه صيغة إخبار أو صيغة إرشاد فأين صيغة الانشاء عورضوا بمثله في الندب ، ثم يبطل عليهم بالبيع والإجارة والنكاح ، إذ ليس لها إلا صيغة الاخبار ، كقولهم : بعت وزوجت ، وقد جعله الشرع إنشاء إذ ليس لانشائه لفظ . الشبهة الثالثة : أن قوله : افعل إما أن يفيد المنع أو التخيير أو الدعاء ، فإذا بطل التخيير والمنع تعين الدعاء والايجاب ، قلنا : بل يبقى قسم رابع وهو أن لا يفيد واحدا من
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 208