نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 207
فسبيلنا أن لا ننسب إليهم ما لم يصرحوا به ، وأن نتوقف عن التقول والاختراع عليهم ، وهذا كقولنا بالاتفاق أنا رأيناهم يستعملون لفظ الفرقة والجماعة ، والنفر تارة في الثلاثة ، وتارة في الأربعة ، وتارة في الخمسة ، فهي لفظة مرددة ، ولا سبيل إلى تخصيصها بعدد على سبيل الحكم وجعلها مجازا في الباقي . السؤال الثالث : قولهم إن هذا ينقلب عليكم في قولكم إن هذه الصيغة مشتركة اشتراك لفظ الجارية بين المرأة والسفينة ، والقرء بين الطهر والحيض ، فإنه لم ينقل أنه مشترك ؟ قلنا : لسنا نقول أنه مشترك ، لكنا نقول : نتوقف في هذه أيضا ، فلا ندري أنه وضع لأحدهما وتجوز به عن الآخر ، أو وضع لهما معا ، ويحتمل أن نقول أنه مشترك ، بمعنى أنا إذا رأيناهم أطلقوا اللفظ لمعنيين ولم يوقفونا على أنهم وضعوه لأحدهما وتجوزوا به في الآخر ، فنحمل إطلاقهم فيهما على لفظ الوضع لهما ، وكيفما قلنا فالامر فيه قريب . شبه المخالفين الصائرين إلى أنه للندب وقد ذهب إليه كثير من المتكلمين وهم المعتزلة وجماعة من الفقهاء ، ومنهم من نقله عن الشافعي ، وقد صرح الشافعي في كتاب أحكام القرآن بتردد الامر بين الندب والوجوب وقال : النهي على التحريم ، فقال : إنما أوجبنا تزويج الأيم ، لقوله تعالى : * ( فلا تعضلوهن ) * ( البقرة : 232 ) وقال لم يتبين لي وجوب إنكاح العبد ، لأنه لم يرد فيه النهي عن العضل ، بل لم يرد إلا قوله تعالى : * ( وانكحوا الأيامى ) * ( النور : 23 ) الآية ، فهذا أمر ، وهو محتمل للوجوب والندب . الشبهة الأولى : لمن ذهب إلى أنه للندب أنه لا بد من تنزيل قوله : إفعل ، وقوله أمرتكم على أقل ما يشترك فيه الوجوب والندب ، وهو طلب الفعل واقتضاؤه وأن فعله خير من تركه ، وهذا معلوم ، وأما لزوم العقاب بتركه فغير معلوم ، فيتوقف فيه ، وهذا فاسد من ثلاثة أوجه : الأول : أن هذا استدلال ، والاستدلال لا مدخل له في اللغات ، وليس هذا نقلا عن أهل اللغة قوله إفعل للندب . الثاني : أنه لو وجب تنزيل الألفاظ على الأقل المستيقن لوجب تنزيل هذا على الإباحة والاذن ، إذ قد يقال : أذنت لك في كذا فافعله ، فهو الأقل المشترك ، أما حصول الثواب بفعله فليس بمعلوم ، كلزوم العقاب بتركه ، لا سيما على مذهب المعتزلة ، فالمباح عندهم حسن ، ويجوز أن يفعله الفاعل لحسنه ويأمر به ، وكذلك يلزم تنزيل صيغة الجمع على أقل الجمع ولم يذهبوا إليه . الثالث : وهو التحقيق أن ما ذكروه إنما يستقيم أن لو كان الواجب ندبا وزيادة ، فتسقط الزيادة المشكوك فيها ، ويبقى الأصل ، وليس كذلك ، بل يدخل في حد الندب جواز تركه ، فهل تعلمون أن المقول فيه ، إفعل يجوز تركه أم لا ، فإن لم تعلموه فقد شككتم في كونه ندبا وإن علمتموه فمن أين ذلك ؟ واللفظ لا يدل على لزوم المأثم بتركه ، فلا يدل على سقوط المأثم بتركه أيضا . فإن قيل : لا معنى لجواز تركه إلا أنه لا حرج عليه في فعله ، وذلك كان معلوما قبل ورود السمع ، فلا يحتاج فيه إلى تعريف السمع ، بخلاف لزوم المأثم ، قلنا : لا يبقى لحكم العقل بالنفي بعد ورود صيغة الامر حكم فإنه معين للوجوب عند قوم فلا أقل من احتمال حصل الشك في كونه ندبا فلا
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 207