نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 204
والاسراج ، أعني طلبه والميل إليه ، لارتباط غرضه به ، فإن ثبت أن الامر يرجع إلى هذه الإرادة لزم اقتران الامر ، والإرادة في حق الله تعالى ، حتى لا تكون المعاصي الواقعة إلا مأمورا بها مرادة إذ الكائنات كلها مرادة ، أو ينكر وقوعها بإرادة الله ، فيقال : إنها على خلاف إرادته ، وهو شنيع إذ يؤدي إلى أن يكون ما يجري في ملكه ، على خلاف ما أراد أكثر مما يجري على وفق إرادته ، وهي الطاعات ، وذلك أيضا منكر ، فما المخلص من هذه الورطة ؟ قلنا : هذه الضرورة التي دعت الأصحاب إلى تمييز الامر عن الإرادة فقالوا : قد يأمر السيد عبده بما لا يريده ، كالمعاتب من جهة السلطان على ضرب عبده إذا مهد عنده عذره لمخالفة أوامره فقال له بين يدي الملك : أسرج الدابة ، وهو يريد أن لا يسرج إذ في إسراجه خطر وإهلاك للسيد ، فيعلم أنه لا يريده ، وهو آمرا إذ لولاه لما كان العبد مخالفا ولما تمهد عذره عند السلطان وكيف لا يكون آمرا وقد منهم العبد والسلطان والحاضرون منه الامر ، فدل أنه قد يأمر بما لا يريده هذا منتهى كلامهم ، وتحته غور لو كشفناه لم تحتمل لأصول التفصي عن عهدة ما يلزم منه ولتزلزلت به قواعد لا يمكن تداركها إلا بتفهيمها على وجه يخالف ما سبق إلى أوهام أكثر المتكلمين ، والقول فيه يطول ويخرج عن خصوص مقصود الأصول . النظر الثاني : في الصيغة وقد حكى بعض الأصوليين خلافا في أن الامر هل له صيغة ، وهذه الترجمة خطأ ، فإن قول الشارع : أمرتكم بكذا وأنتم مأمورون بكذا ، أو قول الصحابي : أمرت بكذا ، كل ذلك صيغ دالة على الامر ، وإذا قال : أوجبت عليكم أو فرضت عليكم ، أو أمرتكم بكذا وأنتم معاقبون على تركه ، فكل ذلك يدل على الوجوب ، ولو قال : أنتم مثابون على فعل كذا ولستم معاقبين على تركه فهو صيغة دالة على الندب ، فليس في هذا خلاف ، وإنما الخلاف في أن قوله : إفعل ، هل يدل على الامر بمجرد صيغته إذا تجرد عن القرائن ، فإنه قد يطلق على أوجه : منها بالوجوب ، كقوله : أقم الصلاة [ لقمان : 17 ] والندب ، كقوله : فكاتبوهم والارشاد ، كقوله : واستشهدوا [ البقرة : 282 ) والإباحة ، كقوله : فاصطادوا ، والتأديب ، كقوله لابن عباس : كل مما يليك والامتنان ، كقوله : كلوا مما رزقكم الله ، وإلا كرام ، كقوله : * ( ادخلوها بسلام آمنين ) * ( الحجر : 64 ) والتهديد كقوله : * ( اعملوا ما شئتم ) * ( فصلت : 40 ) والتسخير كقوله : * ( كونوا قردة خاسئين ) * ( البقرة : 56 ) والإهانة كقوله : * ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) * ( الدخان : 94 ) والتسوية كقوله : * ( فاصبروا أو لا تصبروا ) * ( الطور : 61 ) والانذار كقوله : * ( كلوا وتمتعوا ) * ( المرسلات : 64 ) . والدعاء كقوله : اللهم اغفر لي والتمني كقول الشاعر : ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ولكمال القدرة كقوله : * ( كن فيكون ) * ( البقرة 117 ، آل عمران : 47 ، 59 ، الانعام : 73 ، النحل : 40 ، مريم : 35 ، يس 28 ، غافر : 86 ) وأما صيغة النهي وهو قوله : لا تفعل ، فقد تكون للتحريم وللكراهية والتحقير ، كقوله : * ( لا تمدن عينيك ) * ( الحجر : 88 ) ولبيان العاقبة كقوله : * ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ) * ( إبراهيم : 24 ) وللدعاء كقوله : ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، ولليأس كقوله : * ( لا تعتذروا اليوم ) * ( التحريم :
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 204