responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 203


لكلام النفس ، وهؤلاء انقسموا إلى ثلاثة أصناف ، وتحزبوا على ثلاث مراتب :
الحزب الأول : قالوا : لا معنى للامر إلا حرف وصوت ، وهو مثل قوله : إفعل ، أو ما يفيد معناه ، وإليه ذهب البلخي من المعتزلة ، وزعم أن قوله : إفعل ، أمر لذاته وجنسه ، وأنه لا يتصور أن لا يكون أمرا ، فقيل له : هذه الصيغة قد تصدر للتهديد ، كقوله : اعملوا ما شئتم ، وقد تصدر للإباحة ، كقوله : * ( وإذا حللتم فاصطادوا ) * ( المائدة : 2 ) فقال : ذلك جنس آخر لا من هذا الجنس ، وهو مناكرة للحس ، فلما استشعر ضعف هذه المجاحدة اعترف .
الحزب الثاني : وفيهم جماعة من الفقهاء يقولون : إن قوله : أفعل ليس أمرا بمجرد صيغته ولذاته ، بل لصيغته وتجرده عن القرائن الصارفة له عن جهة الامر إلى التهديد والإباحة وغيره ، وزعموا أنه لو صدر من النائم والمجنون أيضا لم يكن أمرا للقرينة ، وهذا بعارضه قوله من قال أنه لغير الامر ، إلا إذا صرفته قرينة إلى معنى الامر ، لأنه إذا سلم إطلاق العرب هذه الصيغة على أوجه مختلفة فحوالة البعض على الصيغة ، وحوالة الباقي على القرينة تحكم مجرد لا يعلم بضرورة العقل ، ولا بنظر ولا بنقل متواتر من أهل اللغة ، فيجب التوقف فيه ، فعند ذلك اعترف .
الحزب الثالث : من محققي المعتزلة : أنه ليس أمر الصيغة وذاته ولا لكونه مجردا عن القرائن مع الصيغة ، بل يصير أمرا بثلاث إرادات ، إرادة المأمور به ، وإرادة إحداث الصيغة ، وإرادة الدلالة بالصيغة على الامر دون الإباحة والتهديد ، وقال بعضهم : تكفي إرادة واحدة وهي إرادة المأمور ، وهذا فاسد من أوجه : الأول : أنه يلزم أن يكون قوله تعالى :
* ( ادخلوها بسلام آمنين ) * ( الحجر : 64 ) وقوله : * ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) * ( الحاقة : 42 ) أمرا لأهل الجنة ، ولا يمكن تحقيق الامر إلا بوعد ووعيد ، فتكون الدار الآخرة دار تكليف ومحنة ، وهو خلاف الاجماع . وقد ركب ابن الجبائي هذا وقال : إن الله مريد دخولهم الجنة ، وكاره امتناعهم ، إذ يتعذر به إيصال الثواب إليهم وهذا ظلم والله سبحانه يكره الظلم ، فإن قيل : قد وجدت إرادة الصيغة وإرادة المأمور به ، لكن لم توجد إرادة الدلالة به على الامر ؟ قلنا : وهل للامر معنى وراء الصيغة حتى تراه الدلالة عليه أم لا ، فإن كان له معنى فما هو وهل له حقيقة سوى ما يقول بالنفس من اقتضاء الطاعة ، وإن لم يكن سوى الصيغة ، فلا معنى لاعتبار هذه الإرادة الثالثة . الوجه الثاني : أنه يلزمهم أن يكون القائل لنفسه :
إفعل ، مع إرادة الفعل من نفسه آمرا لنفسه ، وهو محال بالاتفاق ، فإن الامر هو المقتضى ، وأمره لنفسه لا يكون مقتضيا للفعل ، بل المقتضي دواعيه وأغراضه ، ولهذا لو قال لنفسه : إفعل ، وسكت وجد هاهنا إرادة الصيغة وإرادة المأمور به ، وليس بأمر ، فدل أن حقيقته اقتضاء الطاعة وهو معنى قائم بالنفس من ضرورته أن يتعلق بغيره ، وهل يشترط أن لا يكون ذلك الغير فوقه في الرتبة فيه كلام سبق ، فإن قيل : وما الدليل على قيام معنى بالنفس سوى إرادة الفعل المأمور به ، فإن السيد لا يجد من نفسه عند قوله لعبده اسقني أو أسرج الدابة إلا إرادة السقي

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست