نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 202
< فهرس الموضوعات > القسم الثالث في الامر والنهي < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > النظر الأول في حد الامر وحقيقته < / فهرس الموضوعات > فيحتاج مثل هذا التخصيص إلى دليل قوي ، فليس يظهر بطلانه كظهور بطلان التخصيص بالمكاتبة وعند هذا يعلم أن إخراج النادر قريب ، والقصر على النادر ممتنع وبينهما درجات متفاوتة في القرب والبعد لا تدخل تحت الحصر ، ولكل مسألة ذوق ، ويجب أن تفرد بنص خاص ، ويليق ذلك بالفروع ، ولم نذكر هذا القدر إلا لوقوع الانس بجنس التصرف فيه والله أعلم . هذا تمام النظر في المجمل والمبين ، والظاهر والمؤول ، وهو نظر يتعلق بالألفاظ كلها ، والقسمان الباقيان نظر أخص ، فإنه نظر في الأمر والنهي خاصة ، وفي العموم والخصوص خاصة ، فلذلك قدمنا النظر في الأعم على النظر في الأخص . القسم الثالث في الأمر والنهي فنبدأ بالامر فنقول : أولا : في حده وحقيقته ، وثانيا : في صيغته ، وثالثا : في مقتضاه من الفور والتراخي أو الوجوب أو الندب ، وفي التكرار والاتحاد وإثباته . النظر الأول : في حده وحقيقته وهو قسم من أقسام الكلام ، إذ بينا أن الكلام ينقسم إلى أمر ونهي وخبر واستخبار ، فالامر أحد أقسامه ، وحد الامر أنه القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به والنهي هو القول المقتضي ترك الفعل ، وقيل في حد الامر أنه طلب الفعل واقتضاؤه على غير وجه المسألة ، وممن هو دون الآمر في الدرجة احترازا عن قوله : اللهم اغفر لي ، وعن سؤال العبد من سيده ، والولد من والده ، ولا حاجة إلى هذا الاحتراز ، بل يتصور من العبد والولد أمر السيد والوالد ، وإن لم تجب عليهما الطاعة ، فليس من ضرورة كل أمر أن يكون واجب الطاعة ، بل الطاعة لا تجب إلا لله تعالى ، والعرب قد تقول : فلان أمر أباه ، والعبد أمر سيده ، ومن يعلم أن طلب الطاعة لا يحسن منه ، فيرون ذلك أمرا وإن لم يستحسنوه ، وكذلك قوله : اغفر لي ، فلا يستحيل أن يقوم بذاته اقتضاء الطاعة من الله تعالى أو من غيره ، فيكون آمرا ويكون عاصيا بأمره ، فإن قيل : قولكم الامر هو القول المقتضي طاعة المأمور أردتم به القول باللسان أو كلام النفس قلنا : الناس فيه فريقان : الفريق الأول : هم المثبتون لكلام النفس وهؤلاء يريدون بالقول ما يقوم بالنفس من اقتضاء الطاعة ، وهو الذي يكون النطق عبارة عنه ودليلا عليه ، وهو قائم بالنفس وهو أمر بذاته وجنسه ، ويتعلق بالمأمور به ، وهو كالقدرة ، فإنها قدرة لذاتها ، وتتعلق بمتعلقها ، ولا يختلف في الشاهد والغائب في نوعه وحده وينقسم إلى قديم ومحدث كالقدرة ، ويدل عليه تارة بالإشارة والرمز والفعل وتارة بالألفاظ ، فإن سميت الإشارة المعرفة أمرا فمجاز ، لأنه دليل على الامر ، لا أنه نفس الامر ، وأما الألفاظ فمثل قوله : أمرتك ، فاقتضى طاعته ، وهو ينقسم إلى إيجاب وندب ، ويدل على معنى الندب بقوله : ندبتك ورغبتك فافعل فإنه خير لك ، وعلى معنى الوجوب بقوله : أوجبت عليك أو فرضت أو حتمت فافعل فإن تركت فأنت معاقب وما يجري مجراه ، وهذه الألفاظ الدالة على معنى الامر تسمى أمرا ، وكأن الاسم مشترك بين المعنى القائم بالنفس وبين اللفظ الدال ، فيكون حقيقة فيهما ، أو يكون حقيقة في المعنى القائم بالنفس ، وقوله : إفعل ، يسمى أمرا مجازا : كما تسمى الإشارة المعرفة أمرا مجازا ، ومثل هذا الخلاف جاز في اسم الكلام أنه مشترك بين ما في النفس وبين اللفظ ، أو هو مجاز في اللفظ . الفريق الثاني : هم المنكرون
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 202