responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 159


إنها ثلثها ، فأخذ الشافعي بالثلث الذي هو الأقل ، وظن ظانون أنه تمسك بالاجماع ، وهو سوء ظن بالشافعي رحمه الله ، فإن المجمع عليه وجوب هذا القدر فلا مخالف فيه ، وإنما المختلف فيه سقوط الزيادة ، ولا إجماع فيه ، بل لو كان الاجماع على الثلث إجماعا على سقوط الزيادة لكان موجب الزيادة خارقا للاجماع ، ولكان مذهبه باطلا على القطع ، لكن الشافعي أوجب ما أجمعوا عليه ، وبحث عن مدارك الأدلة ، فلم يصح عنده دليل على إيجاب الزيادة ، فرجع إلى استصحاب الحال في البراءة الأصلية التي يدل عليها العقل ، فهو تمسك بالاستصحاب ، ودليل العقل لا بدليل الاجماع ، كما سيأتي معناه إن شاء الله تعالى ، وهذا تمام الكلام في الاجماع الذي هو الأصل الثالث .
الأصل الرابع : دليل العقل والاستصحاب اعلم أن الاحكام السمعية لا تدرك بالعقل ، لكن دل العقل على براءة الذمة عن الواجبات ، وسقوط الحرج عن الخلق في الحركات والسكنات قبل بعثة الرسل عليهم السلام وتأييدهم بالمعجزات ، وانتفاء الاحكام معلوم بدليل العقل قبل ورود السمع ، ونحن على استصحاب ذلك إلى أن يرد السمع ، فإذا ورد نبي وأوجب خمس صلوات فتبقى الصلاة السادسة غير واجبة ، لا بتصريح النبي بنفيها لكن كان وجوبها منتفيا ، إذ لا مثبت للوجوب فبقي على النفي الأصلي لان نطقه بالايجاب قاصر على الخمسة ، فبقي على النفي في حق السادسة ، وكأن السمع لم يرد ، وكذلك إذا أوجب صوم رمضان بقي صوم شوال على النفي الأصلي ، وإذا أوجب عبادة في وقت بقيت الذمة بعد انقضاء الوقت على البراءة الأصلية ، وإذا أوجب على القادر بقي العاجز على ما كان عليه ، فإذا النظر في الاحكام إما أن يكون في إثباتها أو في نفيها ، أما إثباتها فالعقل قاصر عن الدلالة عليه ، وأم النفي فالعقل قد دل عليه إلى أن يرد الدليل السمعي بالمعنى الناقل من النفي الأصلي ، فانتهض دليلا على أحد الشطرين وهو النفي ، فإن قيل : إذا كان العقل دليلا بشرط أن لا يرد سمع فبعد بعثة الرسل ووضع الشرع لا يعلم نفي السمع ، فلا يكون انتفاء الحكم معلوما ، ومنتهاكم عدم العلم بورود السمع وعدم العلم لا يكون حجة ؟ قلنا : انتفاء الدليل السمعي قد يعلم ، وقد يظن ، فإنا نعلم أنه لا دليل على وجوب صوم شوال ، ولا على وجوب صلاة سادسة ، إذ نعلم أنه لو كان لنقل وانتشر ولما خفي على جميع الأمة ، وهذا علم بعدم الدليل ، وليس هو عدم العلم بالدليل ، فإن عدم العلم بالدليل ليس بحجة ، والعلم بعدم الدليل حجة أما الظن ، فالمجتهد إذا بحث عن مدارك الأدلة في وجوب الوتر والأضحية وأمثالهما فرآها ضعيفة ولم يظهر له دليل مع شدة بحثه وعنايته بالبحث غلب على ظنه انتفاء الدليل ، فنزل ذلك منزلة العلم في حق العمل ، لأنه ظن استند إلى بحث واجتهاد ، وهو غاية الواجب على المجتهد ، فإن قيل : ولم يستحيل أن يكون واجبا ولا يكون عليه دليل ، أو يكون عليه دليل لم يبلغنا ؟ قلنا : أما إيجاب ما لا دليل عليه فمحال ، لأنه تكليف بما لا يطاق ، ولذلك نفينا الاحكام قبل ورود السمع ، وأما إن كان عليه دليل ولم يبلغنا فليس دليلا في حقنا ، إذ لا تكليف علينا إلا فيما بلغنا ، فإن قيل :
فيقدر كل عامي أن ينفي مستندا إلى أنه لم يبلغه الدليل ؟ قلنا : هذا إنما يجوز للباحث

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست