نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 134
البلاد يبلغونهم أوامره بلغتهم ، وكذلك من سمع شهادة الرسول ( ص ) ، فله أن يشهد على شهادته بلغة أخرى ، وهذا لأنا نعلم أنه لا تعبد في اللفظ ، وإنما المقصود فهم المعنى وإيصاله إلى الخلق ، وليس ذلك ، كالتشهد والتكبير وما تعبد فيه باللفظ ، فإن قيل : فقد قال ( ص ) : نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ، فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه . قلنا : هذا هو الحجة ، لأنه ذكر العلة وهو اختلاف الناس في الفقه ، فما لا يختلف الناس فيه من الألفاظ المترادفة ، فلا يمنع منه ، وهذا الحديث بعينه قد نقل بألفاظ مختلفة والمعنى واحد ، وإن أمكن أن تكون جميع الألفاظ قول رسول الله ( ص ) في أوقات مختلفة ، لكن الأغلب أنه حديث واحد ، ونقل بألفاظ مختلفة ، فإنه روى : رحم الله امرءا ونضر الله امرءا وروي : ورب حامل فقه لا فقه له وروى : حامل فقه غير فقيه وكذلك الخطب المتحدة والوقائع المتحدة رواها الصحابة رضي الله عنهم بألفاظ مختلفة فدل ذلك على الجواز . - مسألة ( هل يقبل الحديث المرسل أم لا ؟ ) المرسل مقبول عند مالك وأبي حنيفة والجماهير ، ومردود عند الشافعي والقاضي ، وهو المختار ، وصورته أن يقول : قال رسول الله ( ص ) من لم يعاصره ، أو قال : من لم يعاصر أبا هريرة ، قال أبو هريرة : والدليل أنه لو ذكر شيخه ولم يعدله وبقي مجهولا عندنا لم نقبله ، فإذا لم يسمه فالجهل أتم فمن لا يعرف عينه كيف تعرف عدالته ، فإن قيل : رواية العدل عنه تعديل ، فالجواب من وجهين : الأول : أنا لا نسلم ، فإن العدل قد يروي عمن لو سئل عنه لتوقف فيه أو جرحه ، وقد رأيناهم رووا عمن إذا سئلوا عنه عدلوه مرة وجرحوه أخرى ، أو قالوا ، لا ندري ، فالراوي عنه ساكت عن تعديله ، ولو كان السكوت عن الجرح تعديلا لكان السكوت عن التعديل جرحا ، ولوجب أن يكون الراوي إذا جرح من روى عنه مكذبا نفسه ولان شهادة الفرع ليس تعديلا للأصل ما لم يصرح ، وافتراق الرواية والشهادة في بعض التعبدات لا يوجب فرقا في هذا المعنى كما لم يوجب فرقا في منع قبول رواية المجروح والمجهول ، وإذا لم يجز أن يقال : لا يشهد العدل إلا على شهادة عدل ، لم يجز ذلك في الرواية ، ووجب فيها معرفة عين الشيخ والأصل حتى ينظر في حالهما ، فإن قيل : العنعنة كافية في الرواية مع أن قوله : روى فلان عن فلان عن فلان يحتمل ما لم يسمعه فلان عن فلان ، بل بلغه بواسطة ، ومع الاحتمال يقبل ، ومثل ذلك في الشهادة لا يقبل ، قلنا : هذا إذا لم يوجب فرقا في رواية المجهول ، والمرسل مروي عن مجهول ، فينبغي أن لا يقبل ، ثم العنعنة جرت العادة بها في الكتبة ، فإنهم استثقلوا أن يكتبوا عند كل اسم روي عن فلان سماعا منه ، وشحوا على القرطاس ، والوقت أن يضيعوه فأوجزوا ، وإنما يقبل في الرواية ذلك إذا علم بصريح لفظه أو عامته أنه يريد به السماع ، فإن لم يرد السماع فهو متردد بين المسند والمرسل ، فلا يقبل . الجواب الثاني : أنا إن سلمنا جدلا أن الرواية تعديل ، فتعديله المطلق لا يقبل ما لم يذكر السبب ، فلو صرح بأنه سمعه من عدل ثقة لم يلزم قبوله ، وإن سلم قبول التعديل
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 134