نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 126
العقوبات ، ثم المجهول مردود في العقوبات وطريق الثقة في الرواية والشهادة واحد وإن اختلفا في بقية الشروط . الثالث : أن المفتي المجهول الذي لا يدري أنه بلغ رتبة الاجتهاد أم لا يجوز للعامي قبول قوله ، وكذلك إذا لم يدر أنه عالم أم لا ، بل سلموا أنه لو لم تعرف عدالته وفسقه فلا يقبل ، وأي فرق بين حكاية المفتي عن نفسه اجتهاده وبين حكايته خبرا عن غيره . الرابع : أن شهادة الفرع لا تسمع ما لم يعين الفرع شاهد الأصل ، وهو مجهول عند القاضي ، فلم يجب تعيينه وتعريفه إن كان قول المجهول مقبولا ، وهذا رد على من قبل شهادة المجهول ولا جواب عنه ، فإن قيل : يلزمه ذكر شاهد الأصل ، فلعل القاضي يعرفه بفسق فيرد شهادته ؟ قلنا : إذا كان حد العدالة هو الاسلام من غير ظهور فسق فقد تحقق ذلك ، فلم يجب التتبع حتى يظهر الفسق ثم يبطل ما ذكره بالخبر المرسل فإنهم لم يوجبوا ذكر الشيخ ، ولعل المروي له يعرف فسقه . الخامس : أن مستندنا في خبر الواحد عمل الصحابة ، وهم قد ردوا خبر المجهول ، فرد عمر رضي الله عنه فاطمة بنت قيس وقال : كيف نقبل قول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت ؟ ورد علي خبر الأشجعي في المفوضة وكان يحلف الراوي ، وإنما يحلف من عرف من ظاهره العدالة دون الفسق ، ومن رد قول المجهول منهم كان لا ينكر عليه غيره ، فكانوا بين راد وساكت ، وبمثله ظهر إجماعهم في قبول العدل ، إذ كانوا بين قابل وساكت غير منكر ولا معترض . السادس : ما ظهر من حال رسول الله ( ص ) في طلبه العدالة والعفاف ، وصدق التقوى ممن كان ينفذه للأعمال وأداء الرسالة ، وإنما طلب الأشد التقوى ، لأنه كان قد كلفهم أن لا يقبلوا إلا قول العدل ، فهذه أدلة قوية في محل الاجتهاد ، قريبة من القطع ، والمسألة اجتهادية لا قطعية . شبه الخصوم وهي أربع : الأولى : أنه ( ص ) قبل شهادة الأعرابي وحده على رؤية الهلال ، ولم يعرف منه إلا الاسلام ، قلنا : وكونه أعرابيا لا يمنع كونه معلوم العدالة عنده إما بالوحي ، وإما بالخبرة ، وإما بتزكية من عرف حاله ، فمن يسلم لكم أنه كان مجهولا عنده . الثانية : أن الصحابة قبلوا قول العبيد والنسوان والاعراب ، لانهم لم يعرفوهم بالفسق ، وعرفوهم بالاسلام ، قلنا : إنما قبلوا قول أزواج رسول الله ( ص ) وأزواج أصحابه ، وكانت عدالتهن وعدالة مواليهم مشهورة عندهم ، وحيث جهلوا ردوا كرد قول الأشجعي ، وقول فاطمة بنت قيس . الثالثة : قولهم : لو أسلم كافر وشهد في الحال أو روى ، فإن قلتم : لا نقبل شهادته ، فهو بعيد ، وإن قبلتم فلا مستند للقبول إلا إسلامه وعدم معرفة الفسق منه ، فإذا انقضت مدة ولم نعرف منه فسقا لطول مدة إسلامه لم نوجب رده ؟ قلنا : لا نسلم قبول روايته ، فقد يسلم الكذوب ويبقى على طبعه ، فما لم نطلع على خوف في قلبه وازع عن الكذب لا نقبل شهادته ، والتقوى في القلب ، وأصله الخوف ، وإنما تدل عليه أفعاله في مصادره وموارده ، فإن سلمنا قبول روايته فذلك لطرق إسلامه وقرب عهده ، بالدين وشتان بين من هو في طراوته وبدايته ، وبين من قسا قلبه بطول الألف ، فإن قيل : إذا رجعت العدالة إلى هيئة باطنة في النفس وأصلها الخوف وذلك لا يشاهد ، بل يستدل عليه بما ليس بقاطع ، بل هو مغلب على الظن ، فأصل ذلك الخوف هو الايمان ، فذلك يدل على الخوف دلالة
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 126