نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 114
قالوا حضرنا معه في ذلك الوقت فلم نجد ما حكاه من الواقعة أصلا . الرابع : ما سكت الجمع الكثير عن نقله والتحدث به مع جريان الواقعة بمشهد منهم ومع إحالة العادة السكوت عن ذكره لتوفر الدواعي على نقله ، كما لو أخبر مخبر بأن أمير البلدة قتل في السوق على ملا من الناس ولم يتحدث أهل السوق به فيقطع بكذبه إذ لو صدق لتوفرت الدواعي على نقله ، ولا حالت العادة اختصاصه بحكايته ، وبمثل هذه الطريقة عرفنا كذب من ادعى معارضة القرآن ونص الرسول على نبي آخر بعده ، وأنه أعقب جماعة من الأولاد الذكور ، ونصه على إمام بعينه على ملا من الناس وفرضه صوم شوال وصلاة الضحى وأمثال ذلك مما إذا كان أحالت العادة كتمانه ، فإن قيل : فقد تفرد الآحاد بنقل ما تتوفر الدواعي عليه حتى وقع الخلاف فيه ، كإفراده ( ص ) الحج أو قرانه ، وكدخوله الكعبة وصلاته فيها ، وأنه عليه السلام نكح ميمونة وهو حرام ، وأنه دخل مكة عنوة ، وقبوله شهادة الأعرابي وحده على رؤية الهلال ، وانفراد الأعرابي بالرؤية حتى لم يشاركه أحد فيه وانشقاق القمر ، ولم ينقله إلا ابن مسعود رضي الله عنه وعدد يسير معه ، وكان ينبغي أن يراه كل مؤمن وكافر وباد وحاضر ، ونقل النصارى معجزات عيسى عليه السلام ولم ينقلوا كلامه في المهد ، وهو من أعظم العلامات ، ونقلت الأمة القرآن ولم ينقلوا بقية معجزات الرسول عليه السلام كنقل القرآن في الشيوع ، ونقل الناس أعلام الرسل ولم ينقلوا أعلام شعيب عليه السلام ، ونقلت الأمة سور القرآن ولم تنقل المعوذتين نقل غيرهما ، حتى خالف ابن مسعود رضي الله عنه في كونهما من القرآن ، وما تعم به البلوى من اللمس والمس أيضا ، فكل هذا نقض على هذه القاعدة ، والجواب أن إفراد رسول الله ( ص ) وقرانه ليس مما يجب أن ينكشف وأن ينادي به رسول الله ( ص ) على الكافة ، بل لا يطلع عليه إلا من أطلعه عليه أو على نيته بإخباره إياه ، نعم ظهر على الاستفاضة تعليمه الناس الافراد والقران جميعا ، وأما دخوله الكعبة وصلاته فيها فقد يكون ذلك مع نفر يسير ومع واحد واثنين ولا يقع شائعا ، كيف ولو وقع شائعا لم تتوفر الدواعي على دوام نقله ، لأنه ليس من أصول الدين ولا من فرائضه ومهماته ، وأما دخوله مكة عنوة فقد صح على الاستفاضة دخوله متسلحا مع الألوية والاعلام وتمام التمكن والاستيلاء وبذله الأمان لمن دخل دار أبي سفيان ولمن ألقى سلاحه واعتصم بالكعبة ، وكل ذلك غير مختلف فيه ، ولكن استدل بعض الفقهاء بما روي عنه ( ص ) أنه ودى قوما قتلهم خالد بن الوليد رضي الله عنه على أنه كان صلحا ، ووقوع مثل هذه الشبهة للآحاد ممكن ، إلى أن تزال بالنظر وأن يكون ذلك بنهي خاص عن قوم مخصوصين ، ولسبب مخصوص ، وأما انفراد الأعرابي برؤية الهلال فممكن ، وقد يقع مثل ذلك في زماننا في الليلة الأولى لخفاء الهلال ودقته ، فينفرد به من يتحد بصره ، وتصدق في الطلب رغبته ، ويقع على موضع الهلال بصره عن معرفة أو اتفاق ، وأما انشقاق القمر فهي آية ليلية وقعت والناس نيام ، غافلون ، وإنما كان في لحظة ، فرآه من ناظره النبي ( ص ) من قريش ونبهه على النظر له ، وما انشق منه إلا شعبة ثم عاد صحيحا في لحظة ، فكم من انقضاض كوكب وزلزلة وأمور هائلة من ريح
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 114