الكأسين الأبيضين ، فحينئذ تجري قاعدة الطهارة في الطرفين ، للعلم الأول ، فيسقطان بالتعارض ، فتنتهي النوبة إلى الأصلين المسببين ، أحدهما قاعدة الطهارة في الكاس الأسود الملاقي ، والاخر قاعدة الحلية في الملاقى مع طرفه ، فإنهما أصلان عرضيان ، يعلم بمخالفة أحدهما للواقع أيضا ، فيتعارضان ، وبعد تساقطهما تبقى قاعدة الحلية للملاقي قابلة للجريان بلا معارض ، فإن الشك في حليته مسبب عن الشك في طهارته ، وإذا سقط ما يقتضي طهارته بالمعارضة ، مع ما يقتضي حلية طرفي العلم الأول ، فتصل النوبة إلى الأصل المسببي ، ونتيجة قاعدة الحلية في الملاقي ، هي إنه يجوز شربه ، فيلزم أن يكون الماء الواحد الشخصي ، جائز الشرب ، مع إنه لا يجوز التوضي به ، فيكف يعقل التكليف ، لان كل من قال بالحلية ، وجواز الشرب ، قال بجواز التوضي به ، فتلخص إن في البين أصول طولية وعرضية ، أما الأولى فهي قاعدة الطهارة في طرف العلم المقدم ، وأما الثانية فهي قاعدة الطهارة في طرف الملاقي بالكسر ، وقاعدتا الحلية في طرفي العلم الأول ، فإنها أصول ثلاثة عرضية في طول قاعدة الطهارة ، فالأصول الثلاثة ، أحدها حلية ذاك الطرف ، والآخرين حلية هذا الطرف ، وقاعدة الطهارة في الملاقي ، فتسقط أصالة الطهارة في الملاقي بالمعارضة ، مع أصل الحلية في الطرفين ، فلا يبقى إلا أصالة الحلية في الملاقي ، ومقتضى جريانها التفكيك بين جواز الشرب ، وعدم التوضي به ، ولم يلتزم به أحد ، فبناء على مذاق من لا يرجع إلى الأصل في طرفي العلم ، لا محيص عن هذا الاشكال ، وأما على المسلك المختار ، وهو كون العلم الاجمالي بذاته مانعا عن جريان الأصلين ، ولو كان بلا معارض ، لكونه علة لتنجز متعلقه ، فلا مجال لوروده ، لوجود مانع آخر عن إجراء الأصل ، فهذه النتيجة من النتائج العظيمة بين المسلكين ، فإن قلنا بعلية العلم الاجمالي ، فينحل الاشكال ، لأنه لا تجري قاعدة الطهارة ، ولا أصالة الحلية في أطراف العلم ، حتى يعارض بعضها قاعدة الطهارة في الملاقي ، فتبقى قاعدة الطهارة فيه بلا معارض ومانع آخر ، فتجري فيه ويحكم بطهارته ، وحلية شربه ، فلا يلزم التفكيك بين الحكمين ، ثم إن ههنا فرعان لا بأس بذكرهما تتميما للفائدة . أحدهما : لو تلف الملاقى بالفتح بعد العلم بنجاسته ، أو نجاسة أمر آخر ، حينئذ يجوز الرجوع إلى الأصل في الملاقي ، وإن كان طرفا للعلم الاخر بنجاسته ، أو