إجمالا بوجود رضيعة له في تمام العراق ، كانت جميع نسوانه بكثرتها في مورد الابتلاء ، أو خارجا عن محل الابتلاء ، فلا ريب في ضعف احتمال كون كل من النسوان ، تلك المعلومة بالاجمال ، ولا ربط بقياسه على احتمال انطباقها على المرأة المرددة بين المرأتين ، والحاصل إنه نجد أن الوجدان لا يساعد لتساوي الاحتمال ، الذي يكون منشائه العلم الاجمالي بوجود شئ من الأطراف الكثيرة جدا ، والاحتمال الناشئ من العلم بوجوده في الأطراف القليلة ، فليس في البين برهان سوى الوجدان ، ولازم ضعف الاحتمال صيرورة احتمال العدم أقوى وأشد ، فحال المعلوم بالاجمال المشتبه بين الآلاف ، نظير العام الذي كان له أفراد كثيرة في ضعف الاحتمال ، فإنه كلما كانت دائرة العام أوسع ، تكون دلالة الظهور على الافراد أضعف ، والسر في ذلك ، انتقال الانسان من العام ، أي من الجامع إلى الفرد ، يكون حينئذ ضعيفا ، فإذا كان العام كثير الافراد ، تضعف دلالته على مرادية كل منها بالخصوص ، في عالم الظهور ، مثل انطباق المعلوم بالاجمال على كل من الأطراف ، في كثرة المحتملات ، ومن المعلوم إنه كلما ضعف الاحتمال ، يقوى احتمال العدم ، فعنوان كأس زيد في صورة كونه مرددا بين الكؤوس الكثيرة ، يكون احتمال الوجوب فيه أضعف ، فيظن بعدم كونه ذاك المعلوم بالاجمال ، فضعف احتمال وجود التكليف بين كل من المحتملات ، يلازم مع قوة احتمال العدم ، وقد يتوهم عدم إمكان اجتماع الظن بعدم كون كل من الأطراف ذاك المعلوم بالاجمال ، مع العلم الاجمالي بثبوته فيها ، بداهة إن مقتضى العلم ، كذلك احتمال كل منها ذاك المعلوم بالاجمال ، والظن بعدم كون الأطراف غير ذلك المعلوم ، مناف لاحتمال أن كل منها هو المتعلق للعلم ، لأنه يلزم أن يكون المعلوم في ضمن الأطراف موجودا ، وأن لا يكون فيها ، وهذا من الجمع بين النقيضين ، كما لا يخفى ، وببيان آخر ، كما لا يمكن اجتماع العلم بالثبوت مع العلم بالعدم ، وإن اختلف متعلقهما ذهنا لا خارجا ، فكذا لا يجتمع الظن بالعدم مع العلم بالثبوت ، فلا وجه لهذا التقريب وجعله ضابطا لتمييز المحصورية من غيرها ، ولكنه مدفوع بأن كل واحد منفردا عن الغير ، يكون متعلقا بالظن ، بعدم كونه ذاك المعلوم بالاجمال ، ولازمه الظن بوجود التكليف في البقية ، فما كان مضادا مع العلم الاجمالي ، هو الظن بالعدم في المجموع ، لا الظن بعدم كل واحد