استبان له أترك . وفى مثله يتجه الاستحباب المولوي ، بخلاف ما ورد الحكم فيه بعنوان الاحتياط ، أو غيره من العناوين المنطبقة على اتيان العمل بداعي دعوة الامر ، فإنه حينئذ مما يستقل العقل بحسنه ، والأوامر الشرعية الواردة منه إرشادي ، كأوامر الإطاعة ، وبمثل هذا الاختلاف وقع الخلاف في أخبار من بلغه ثواب عن النبي صلى الله عليه وآله ، مع تعدد مضامينها ، ففي بعضها من بلغه ثواب على عمل فعمل رجاء ذلك الثواب ، وفي بعضها الاخر فعمل التماس ذلك الثواب ، وفى ثالث فعمل طلب قول النبي صلى الله عليه وآله ، وخلاصة وجه الخلاف في أخبار من بلغ ، هو أن الامر المستفاد من نحو قوله عليه السلام له مثل ذلك الثواب ، هل هو متعلق بعنوان العمل البالغ فيه الثواب ، حتى يكون مستحبا مولويا ولو طريقيا ، أو إنه متعلق بالعمل المأتى بداعي البلوغ ورجاء وجود الثواب واقعا ، حتى لا يبقى مجال لأعمال جهة المولوية ، وبحمل الامر على الارشاد إلى حكم العقل ، والظاهر من أخبار الباب ، هو الثاني ، حيث إن ظاهر قوله عليه السلام من بلغه ثواب على عمل فعمل ، إن العمل المصدر بفاء الترتيب متأخر عن العمل البالغ فيه الثواب ، فهو معلول بلوغ الثواب ، فالمقام من قبيل أن يقال : لو أردت الضرب فضربت كان كذا ، حيث إن الضرب الأول موضوع الإرادة ، والضرب الثاني معلول الإرادة ، فيكون العمل حينئذ مسوقا لعنوان الإطاعة والانقياد ، الذي يستقل العقل بحسنه ، فالامر المتعلق به على هذا ، ليس إلا للارشاد ، بداهة طولية العملين ، وإن العمل الثاني مترتب على الأول وفى طوله ، فلا بأس بأن يكون العمل الثاني موردا لحكم العقل ، حسنا أو قبحا ، مع بقاء العمل الأول المعروض على ما هو عليه . ( تنبيه ) إن ما ذكرناه من طولية العملين ، كما يستفاد منه ظهور الامر في المقام وفى باب الاحتياط في الارشاد بلا شائبة المولوية أبدا ، كذلك ينفع في باب التجري والانقياد أيضا ، بداهة أن العمل المتجري به ، من حيث هو كذلك ، مترتب على ذات العمل وفى طوله ، ولا بأس حينئذ باختلاف حكمهما في نظر العقل ، من دون سراية حكم الأول إلى الثاني ، وتوضيح ذلك إجمالا ، إن الصفات الوجدانية من العلم ، والإرادة ، والكراهة