يوجد أسباب علم المكلف بالتكليف ، فيشمل الجميع ، فيساوق مفاده مفاد حديث الرفع ، لكنه بعيد . ومنها قوله عليه السلام : كل شئ لك حلال حتى تعرف إنه حرام بعينه فتدعه الحديث ، وهو ظاهر في حلية الشبهات الحكمية ، خلافا للأخباريين ، إن قيل مقتضى قوله بعينه ، هو اختصاص الحديث بالشبهات الموضوعية ، فلا يشمل الشبهات الحكمية ، فيكون مساقه مساق قوله عليه السلام كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ، الظاهر في كون القسمة إلى الحلال والحرام فعليا لا فرضيا ، قلنا يمكن تحقق فعلية القسمة في الكليات أيضا ، ولا تختص بالشبهات الموضوعية كاللحم ، بالإضافة إلى لحم الغنم والأرنب ، فيشمله الحديث ، ويثبت به حلية الفرد الثالث المشتبهة ، مثل لحم الحمير مثلا ، فإن وجود الفردين المشتبهين في اللحم منشأ الاشتباه الفرد الثالث من اللحم ، كما هو الشأن في الشبهات المصداقية ، فالمراد من الغاية معرفة الحرام في دائرة الشبهات ، كلية كانت أو جزئية ، ثم إن موارد تحقق الامارة على الحرمة خارجة عن مورد الحديث ، لأنها مما عرف إنها حرام بعينه ، لان المراد بالمعرف أعم من المعرفة الوجدانية ، أو ما كانت بحجة معتبرة . ومنها قوله : كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي ، وتقريبه بعين التقريب السابق ، من غير فرق ، وقد يستدل بجملة أخرى من الاخبار ، هي وإن أمكن الخدشة في كل واحد منها ، إلا إن مجموعها بضميمة ما ذكرنا ، يصح أن يحتج بها على المطلب . قد استدل على البراءة بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ولا إشكال فيه ، لكن قد توهم معارضته بقاعدة دفع الضرر المحتمل ، ويرد عليه إن مورد قاعدة دفع الضرر فيما احتمل الضرر من الخارج لا من إجراء نفس القاعدة ، إذ يستحيل مجئ الموضوع من قبل حكمه ، والمفروض عدم احتمال الضرر من غير ناحية نفس قاعدة الضرر ، هذا وقد مر إن التمسك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان أيضا لا وجه له ، لعدم النزاع فيها بين الطائفتين ، وإنما النزاع في الصغرى ، كما لا يخفى ، كما إنه لا وجه للتمسك بالاجماع لتحقق الخلاف العظيم ، وقد يستدل باستصحاب البراءة ، فإن كان المراد منها استصحاب براءة ذمة المكلف من غير ما تعلقت به من الاحكام ، ففيه إن حكم العقل