الأخبار الدالة على إيجاب الاحتياط ، فتحمل على الاستحباب ، أو الارشاد ، جمعا ، فهذا الحديث أتم دليل للقائلين بالبرائة ، في مقابل ما استدل به الأخباريين ، وتتميم القول في الحديث الشريف يقتضى الكلام في جهات . الأولى ، كثر النزاع في أن المرفوع هل هو خصوص المؤاخذة ، أو جميع الآثار ، أو الأثر المختص بكل واحد مما ذكر في الحديث ، ولكن الظاهر إن النزاع مما لا جدوى تحته ، بعد المحافظة على أمرين ، هما من المتفق عليه بينهم ، الأول ، لزوم كون المرفوع مما يناسب الامتنان ، الثاني كونه مما تناله يد الوضع والرفع الشرعي ، ولو بالواسطة ، وحينئذ فلك أن تقول إن المرفوع في الجميع هو المؤاخذة ولو بمنشائها ، أو تقول إن المرفوع هو الآثار الشرعية القابلة للرفع ، إذا كانت فيه المنة ، أو تقول إن المرفوع ما هو المناسب لكل واحد مما ذكر في الحديث ، ففي الخطأ والنسيان إيجاب التحفظ المستتبع لرفع وجوب الاتيان بالمنسى وما أخطأ ، وفى مالا يعلمون إيجاب الاحتياط ، وفيما لا يطاق ، وفي الاضطرار ، رفع الأحكام التكليفية ، نفسية أو غيرية ، مع ملاحظة كون الرفع موافقا للامتنان ، وكذا بالنسبة إلى الاكراه وباقي الفقرات المذكورة في الحديث . الثانية ، إطلاق الحديث كما يشمل الحكم التكليفي يشمل الوضعي أيضا ، مع كونه تحت يد الشارع وضعا ورفعا ، إن قيل ، فعلى هذا لا وجه للإعادة في الحكم المنسي ، أو الجزئية المنسية ، إذ برفع الحكم الوضعي يستكشف إنا رفع الامر المتعلق بالإعادة ، مع كونه موافقا للمنة أيضا ، فيقال نعم هو كذلك ، لو كان رفع المنسي مطلقا ولو بلحاظ حال انقلابه إلى الالتفات ، وأما لو كان الرفع ما دام النسيان فلا وجه لاستكشاف عدم الإعادة ، إذ المقتضى للتكليف وهو المصلحة ، موجب لاحداث التكليف بالإعادة بعد الانقلاب إلى الالتفات ، إن قيل ورود الحديث مورد الامتنان يقتضي رفع الامر بالإعادة بعد الالتفات أيضا ، لأنه ما دام النسيان متحققا مرفوع بحكم العقل ، من دون احتياج إلى الحديث ، يقال لو كان النسيان بغير اختياره ، فالعقل يحكم برفع الحكم حينئذ ، وأما لو كان باختياره ولو لتمكنه من حفظه ، فالعقل لا يحكم برفعه ، وحينئذ ففي رفعه من الشارع كمال المنة ، نعم لابد وأن لا يكون الحفظ حرجيا ،