( القول في الاستدلال ) ( على الحجية بدليل العقل وله تقريبات ) منها العلم بصدور جملة من الاخبار التي بأيدينا ، ونقطع بالتكليف بما تضمنته تلك الأخبار ، فلا بد إما من الاحتياط بالأخذ بجميع ما يحتمل صدوره ، أو الاخذ بخصوص مظنون الصدور ، والأول باطل ، للعسر والحرج ، فيتعين الثاني ، وأجيب بأوسعية دائرة العلم بالتكليف عن دائرة خصوص الاخبار ، فاللازم حينئذ الاخذ بكل مظنون التكليف ، أعم من الاخبار والاجماعات والشهرات ، إن قيل نعم لولا الانحلال ، فيقال لا مجال في المقام للانحلال ، لان الانحلال الموجب لعدم الالتفات إلى العلم الاجمالي الكبير ، إنما هو فيما إذا احتمل انطباق المعلوم الكبير بتمامه على الصغير ، وفى المقام ليس كذلك ، لأنه إذا بدلت طائفة من الخبر بطائفة من سائر الامارات يحصل علم إجمالي آخر غير ما كان أولا ، نعم إن أحرز من الخارج أن ما هو مفاد المبدل إليه عين ما هو المبدل منه من الحكم ، فلا أثر حينئذ للعلم الاجمالي الكبير ، كما لا يخفى ، ثم لا وجه لجريان الأصول النافية لمانعية العلم الاجمالي بالتكاليف عنه ، وأما الأصول المثبتة فهل تجري لوجود المقتضى وعدم المانع ، أو لا تجري ، لان العلم الاجمالي بالصدور ، علم بحجية ظهور في البين ، ومع تحقق الظهور الذي هو الحجة المعتبرة ، لا وجه لجريان الأصل العملي ، لحكومة الأصول اللفظية عليها ، كما لا يخفى ، وجهان لا يخلو الأول منهما من رجحان ، لان مورد الأصول العملية المثبتة أعم من مورد الأصول اللفظية ، ومجرد وجود العلم الاجمالي بتحقق أمارة في البين ، لا يوجب سقوط الأصل مع إطلاق دليله . ومنها ، إنا نعلم إجمالا بتكاليف في الشريعة ، خصوصا بالأصول الضرورية ، ولا يحصل الفراغ منها إلا بالرجوع إلى الاخبار المروية عن الأئمة عليهم السلام ، وفيه إن هذا التقريب كالتقريب السابق ، والجواب الجواب . ومنها ، إنا نعلم بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة ، فمع التمكن من تحصيل العلم التفصيلي ، فهو وإلا فينزل إلى لزوم تحصيل الظن ، وفيه إنه يجب الاقتصار على المتيقن فالمتيقن ، لا التنزل إلى الظن ، إلا إذا لم يف المتيقن بذلك ، وتمت مقدمات الانسداد فيؤخذ بالظن حينئذ .