وأما السنة ، فادعى تواتر الاخبار إجمالا على حجية الخبر الواحد ، ولعله كذلك ، ولكن لابد من الاخذ بما اتفق عليه الكل ، من خبر العادل الموثوق صدوره على وجه يطمئن به النفس لا مطلقا ، كما لا يخفى ، وحينئذ فإن كان فيما يثبت حجيته ما يدل على حجية غيره ، يؤخذ به ، وإلا فيقتصر على ما اتفق عليه الكل ، ولا يبعد وجود مثل هذا الخبر فيما بين الاخبار التي اتفق الكل على حجيتها . وأما الاجماع ، فقد تكرر نقله عن الاعلام على حجية خبر الواحد ، كما نقل الاجماع عن السيد " ره " على عدم الحجية ، وحيث إنه يكمن أن يكون مدرك نقل الاجماع على الحجية ، هو ما ارتكز في أذهان المجمعين من حيث أنهم عقلاء ، من العمل بخبر الواحد ، ويحتمل أيضا أن يكون المراد بالاجماع على العدم ، هو ما ارتكز في أذهانهم أيضا ، من عدم العمل بما لا يثق به النفس ، فالبحث عن الاجماع وكيفية التعارض والترجيح في المقام لا وجه له ، فالأولى هو البحث عن الطريقة العرفية الارتكازية العقلائية ، لا ريب في تحقق السيرة العقلائية في قبول خبر الواحد ، وترتيب الأثر عليه في أمورهم العرفية والشرعية ، بل المتشرعون بما هم متشرعون ومتدينون استقرت طريقتهم على العمل بخبر الواحد في أمورهم الدينية ، بل استقرت سيرة الاعلام في مقام استنباط الاحكام على التمسك بخبر الواحد من أول تأسيس الاجتهاد ورد الفروع إلى الأصول ، نعم بواسطة بعض الشبهات العلمية ، صارت المسألة الارتكازية بحثية نظرية ، إن قيل لا ريب فيما قلت من تحقق السيرة في جميع المراتب ، لكن تكفي في ردعها الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم ، يقال مع تحقق السيرة العقلائية والمتشرعية على العمل بما وراء العلم في مهماتهم تكون لك السيرة بمنزلة القرينة المتصلة لتلك الآيات المخصصة لها بغير مورد السيرة ، مع إمكان أن يقال إن المراد بالعلم ليس خصوص ما اصطلح عليه فعلا ، بل الأعم من العلم العادي الذي يعتمد عليه نوع العقلاء ، فلا تخصيص ولا مخصص كما لا يخفى .