قد مر في محله عدم المفهوم للوصف ، خصوصا الوصف الغير المعتمد على الموصوف ، فإنه أشبه بمفهوم اللقب المتسالم على عدم حجيته . وأما الاستدلال من جهة خصوصية المقام ، ففيه إنه إن رجع إلى مفهوم الشرط ، أو الوصف ، فقد مر ما فيه ، وإن كان أمرا آخر ، فهو لا يستأهل أن يعتمد عليه ما لم يكن من الظهور العرفي المعتمد عليه . ومما يستدل بها آية النفر ، قال تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ، بيان الاستدلال ، هو أن مقتضى ( لولا ) التحضيضية ، مطلوبية مدخوله ، فيكون النفر مطلوبا ، فيكون التفقه في الدين أيضا مطلوبا ، لأنه غاية المطلوب ، ومعلوم إن غاية التفقه هو الانذار ، وغايته هو التحذر والعمل بما أنذر ، فيستفاد منه مطلوبية التحذر والعمل بما أنذر ، وهو المراد بحجية الخبر الواحد ، وفيه مضافا إلى إمكان دعوى إهمال الآية من جهة مطلوبية التحذر والعمل بما أنذر ، إذ لعلهما مشروط بحصول العلم ، وليست الآية في مقام البيان في تلك الجهة ، إن المنصرف من الانذار معنا أخص من مطلق الخبر عرفا ، فلا تدل الآية على حجية مطلق الخبر ، لمطلوبية قسم خاص منه . إن قيل هل يمكن استفادة مطلوبية التحذر بغير ما ذكرت ، بأن يقال : إن كلمة ( لعل ) تدل على مطلوبية مدخوله . يقال فيه ، منع لان استعمال كلمة ( لعل ) أعم من ذلك ، لأنها تستعمل في مقام كلمة ( أميد ) في اللغة الفارسية ، كما في قوله : لعل الله يحدث بعد ذلك أمر ، أو استعمالها حينئذ بالنسبة إلى فهم المخاطب ، لا بالنسبة إلى المتكلم ، حتى يستلزم النقص في المبدأ تعالى . ومما يستدل به قوله تعالى : ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وفيه بعد تسليم أعمية أهل الذكر عن المعصوم عليه السلام ، إنه أخص من المدعى ، لان أهل الذكر عرفا لا يشمل العامي المحض الذي نقل الرواية ولا يعلم معناها ، إلا أن يستند إلى عدم القول بالفصل ، فيرد عليه حينئذ ، إنها مهمل من جهة القبول ، إذ لعل القبول يكون مشروطا بما إذا أفاد العلم ، وقد استدل بآيات أخر أغنانا عن التعرض لها وضوح الاشكال فيها .