أخرى ، وخصوصية المقام ثالثة ، أما من حيث مفهوم الشرط ، فلان وجوب التبين علق على مجئ الفاسق بالخبر ، فينتفي بانتفائه ، ثم إنه إن كان المراد من التبين هو التبين العلمي ، فلا إشكال في كون وجوبه إرشادا إلى تحصيل العلم بالمرام ، وطرح خبر الفاسق ، إذ لا يحصل منه العلم ، ولا معنى للبحث من أن وجوبه نفسي أو غيري ، فطريق الاستدلال حينئذ إن الفاسق ، إن أخبر يجب تحصيل العلم بحاله ، وأما العادل ، أما أن يرد بلا تحصيل العلم به ، أو يقبل كذلك لحجيته ، والأول يستلزم أسوئية العادل من الفاسق ، والثاني هو المطلوب ، وإن كان المراد بالتبين هو الظني الوثوقي ، فلا ريب إن وجوبه يكون غيريا مقدميا للعمل بالخبر الفاسق ، فطريق الاستدلال حينئذ ، أن يقال يجب التبين في خبر الفاسق ، مقدمة للعمل به ، وأما العادل ، فأما أن لا يعمل بما أخبر أو يعمل به بلا تبين ، والأول يستلزم الأسوئية ، والثاني هو المطلوب ، فظهر أن الاحتياج إلى ضم مقدمة الأسوئية كما هو المشهور هو المنصور أيضا ، وكيف كان قد استشكل على المفهوم بوجوه . منها ، أن الآية مسوقة لبيان الموضوع ، فلا مفهوم لها ، مثل إن رزقت ولدا فاختنه ، ونحو ذلك ، مما يكون الحكم عقلا دائرا مدار تحقق الموضوع ، ويرد عليه ، إنه مسلم في مثل المثال ، مما يكون تحقق الجزاء عقلا ملازما لتحقق الشرط ، ففي مثله لا مفهوم للقضية ، ولا محيص إلا من سوق القضية لبيان الموضوع ، وأما أن علق الجزاء على ذات الموضوع الخاص المتحقق أيضا بدون الخصوصية ، فالسلب الوارد عليه حينئذ ، يكون بحسب انتفاء المحمول ، لا الموضوع ، كما لا يخفى ، فالمعنى إن النبأ المتخصص بخصوصية صدوره من الفاسق ، يتبين فيه ، لا ذات النبأ من حيث هو ، فينتفي التبين عند انتفاء الخصوصية لا محالة . ومنها ، أن الشرطية في المقام معللة بعلة جارية في مورد المنطوق والمفهوم ، وهي الجهالة المذكورة في ذيل الآية ، فيدور الامر بين رفع اليد عن عموم العلة بالمفهوم ، أو العكس ، ولا ريب في أولوية الثاني ، لأظهرية العلة في العموم ، من دلالة القضية على المفهوم ، وفيه ، أنه ليس المراد بالجهالة عدم العلم مطلقا ، حتى يجري في كل من المنطوق والمفهوم ، بل المراد بها الاعتماد على مالا يثق النفس ويطمئن به ، ولا ريب في حصول الوثوق