كونها مقدمة للقيام لا تكون منوطة بالوجوب بل مقدمة لمعروض الوجوب لا لنفس الواجب ، فحينئذ مقدمية ذات المعروض للوجوب لا يتفاوت سواء كان في العالم وجوب أم لم يكن ، فإن المقدمة كالمكان والزمان مثلا محفوظ ، فإذا تحقق الوجوب تتصف هذه الأمور بأنها مقدمة للواجب ، فحينئذ لا يمكن أن يقال إن المقدمية منتزعة عن الوجوب ، وإلا فلا ، فليست الشرطية إلا منتزعة عن إضافة لمعروض الوجوب باعتبار تقيده بشئ سواء صار واجبا أم لا ، فالشرطية حاصلة للقيد ومطلقا ، وإنما يضاف إلى الواجب بعد الوجوب ، فالإضافة متأخرة بخلاف المضاف ، فالفرق بين الجزئية وشرطية شئ للواجب هو إن الجزئية منتزعة عن وحدة في المتكثرات التي نشأت عن وحدة الوجوب ، فتترتب بنفسها وبإضافتها عن نفس الوجوب ، بخلاف الشرطية فإنها منتزعة عما كان له دخل في معروض الوجوب وموضوعه ، وبعبارة أخرى إن الجزئية متأخرة عن وحدة طرأت بالمتكثرات من جهة وحدة الوجوب ، بحيث لولا تلك الوحدة لا تنتزع الجزئية ، فحقيقة الجزئية ليست إلا منتزعة عن أشياء متكثرة مرتبطة بعضها بالبعض من حيث الوحدة الطارية عليها من قبل الوجوب الواحد أو سائر ما يوجب عدها واحدا بالاعتبار ، فمناط جزئيتها للواجب ليس إلا كونها تحت وجوب واحد ، فإنه لو لم تتعلق الوحدة بها لما طرأت الوحدة على المتكثرات ، ولا تنتزع الجزئية للواجب لكل منها كما لا يخفى ، وهذا بخلاف مقدمية شئ لشئ عرض عليه الوجوب ، كمقدمية العصا مثلا للقيام المعروض للوجوب ، فإن أخذ العصا مقدمة للقيام عرضه الوجوب أم لا ، إلا إنه لا يقال له إنه مقدمة للواجب ، إلا بعد وجوب القيام ، فلا يتفاوت حال مقدمة معروض الوجوب بعروض الوجوب وعدمه ، فإن مقدمية ثابتة لاخذ العصا على التقديرين ، فكم فرق بين الجزئية التي كانت من القسم الأول ، أي ما كان المضاف والإضافة معا متأخرين عن الوجوب ، فلولا الوجوب لا يتحقق المضاف ولا الإضافة بين المقدمية والشرطية والسببية ، وبين غيرها مما يكون متأخرا عن الحكم بإضافتها فقط لا بالعنوان المضاف ، فإن هذه العناوين منتزعة عن شئ لها نحو دخل في وجوب الغير الذي قد يعرضه الوجوب وتضاف تلك العناوين إلى الواجب ، كالمكان والزمان والساتر واللباس ، فلا وجه لاطلاق القول