الاستصحاب ( بإبقاء ما كان ) فإنه لم يؤخذ فيه اليقين على ما ترى ، وعلى هذا فلا يبقى وجه لحكومة الاستصحاب على أدلة الأصول من البراءة والحلية والطهارة ، فإن الحاكم إما موسع لدائرة الموضوع أو مضيق ، وعلى أي تقدير فله نظر إلى موضوع دليل حكم آخر ، وللاستصحاب بهذا المعنى لا يثبت العلم والمعرفة التي جعلت غاية للطهارة أو الحلية الظاهرية ، بل هو حكم ببقاء الحرمة المعلومة سابقا في ظرف الشك ومورد قاعدة الحلية ، فلا يتقدم عليها بالحكومة ، وإما لازم المعنى الأول من الثلاث فهو مماثل لما تقدم ، ولذا راعى المحقق الخراساني " ره " لازم مسلكه وقال : بأن الاستصحاب وارد لا حاكم ، فالوجهان مشتركان فيما ذكروا في أنه لا يصح عليهما تجويز قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي ، فإنه لا يحكم فيه بانتفاء الشك وبقاء اليقين تعبدا ، كما يستفاد من أدلة حجية الامارات ، فلا وجه لقيامه مقامه ، نعم يجوز قيام الاستصحاب بالمعنى الثاني كما لا يخفى مقام العلم الطريقي ، وأما على الأخيرين فيجوز قيامه مقام جزء الموضوع في الأول منهما ومقام تمام الموضوع في الثاني ، فإن التنزيل قد عمه بحسب الفرض بهذا الاعتبار أيضا ، وعليه فيتم القول بحكومة الاستصحاب على قاعدة الحلية وغيرها من الأصول ، فإن اليقين منزل منزلة الباقي بالنسبة إلى العمل والأثر المترتب عليه بنفسه أيضا وهو انتفاء الحلية الظاهرية والطهارة كذلك بمجرد العلم بالحرمة الواقعية والطهارة ، فالمعرفة بنفسها تمام الموضوع لانتفاء العمل وترتيب ذاك الأثر الشرعي الظاهري على ما هو مقتضى الغاية في الخبرين ، فالتعبد باليقين حتى بلحاظ هذا الأثر لا يخلو عن نظر إلى موضوع القاعدتين ، فدعوى الحكومة وتسلمها في محلها ، وأما على الأول من الأخيرين فالامر كما ذكر فيما تقدم من الاحتمالين من هذه الجهة . وبالجملة فإثبات الحكومة موقوف على إثبات عموم التنزيل على الوجه الثالث ، ومحصل الكلام أن التعبد إما متوجه إلى المتيقن حكما كان أو موضوعه بمرآتية اليقين وجعله آلة للإشارة إليه ، وإما متوجه إلى نفس اليقين بما إنه طريق إلى المتيقن وكاشف عنه ، لا بما إنه صفة نفسانية وحالة وجدانية مخصوصة . وعلى الثاني فإما أن يكون التنزيل وإثباته التعبدي باعتبار الأعمال والآثار التي ثابتة للمتعلق ببركة اليقين وكشفه عنه فقط . وأما أن يكون بالنسبة إلى تلك الأعمال وما يترتب