الشك وابن علي بقائه ، ومرجعه إلى تنزيل اليقين السابق الزائل منزلة الباقي بلحاظ الآثار العملية والجري على طبقها والامر بالعمل معه معاملة اليقين بالبقاء ، وبأن اليقين وإن كان متعلقا بالحدوث لا بالبقاء ، وقد زال بطرو الشك ، لكنه ببركة لا تنقض يبني على بقائه ، فهذا نظير للامر بتصديق العادل في انتهائه إلى تنزيل احتمال الخلاف منزلة العدم . وبعبارة أخرى تارة يكون اليقين طريقا محضا إلى موضوع التعبد ، وهو المتيقن مثل اليقين بالخمرية الذي كان طريقا إلى تطبيق الحرمة الواقعية على المورد ، وتارة يكون التعبد متوجها إلى نفس اليقين الطريقي بما إنه طريق لا بما إنه صفة نفسانية وحالة وجدانية ، وفي هذه احتمالات ثلاثة : ( أحدها ) أن يكون اليقين الزائل منزلا منزلة الباقي باعتبار آثاره المرتبة به على المتيقن ، فإن الوجوب وغيره وإن كان مرتبا على الصلاة وغيرها في الشرع بلا إناطة له بالعلم والاحراز ، إلا إنه لما لم يكن محركا إليها وداعيا إلى إيجادها وموجبا لحصولها إلا بعد العلم وحكم العقل بالتنجز وعدم المعذورية ، فكان الواقع مقتضيا للوجود والترك والعلم متمما له ورافعا للمانع ، وهو الجهل عن تأثيره في الانبعاث والانزجار ، فعلى هذا صح أن تستند تلك الآثار إلى اليقين وإن كانت في الحقيقة أثرا للمتيقن ، فلهذه الآثار جهة استناد وإضافة إلى اليقين الطريقي ، وجهة إضافة إلى المتيقن ، فلعل الامر بالعمل معه معاملة الباقي ما لم يعلم بالخلاف ، ناظر إلى تنزيل ذلك اليقين باعتبار تلك الآثار المضافة إليه بوجه وإلى متعلقه بوجه آخر ، فلا يعم أثر الذي لنفس اليقين المأخوذ جزء للموضوع في بعض الموارد . ( وثانيها ) أن يكون بحيث يعمه أيضا ، لكن لا يشمل الأثر الذي لليقين المأخوذ تمام الموضوع لبعض الاحكام . و ( ثالثها ) أن يكون بحيث يعمها أيضا ، فهذه احتمالات ثلاثة في صورة ورود التنزيل على اليقين الطريقي لا بلحاظ جعله مرآة للمتعلق ومشارا به إليه ، حتى يكون محط التنزيل والتعبد هو المتيقن الثابت من دون دخل لليقين ، ثم لا يخفى أن لازم هذا أن لا يكون اليقين من مقومات مورد الاستصحاب ، فإن مورد التعبد بالبقاء هو الامر الثابت الواقعي ، فمعنى هذا التنزل هو الحكم ببقاء ما ثبت ولا دخل لليقين فيه ولا احتياج له إليه ، إلا في مقام تطبيقه على موارده ، وهذا المعنى مناسب مع تعريف