ومما استدل به للاستصحاب رواية أخرى ذكرها الشيخ - قده - قوله عليه السلام ( إذا استيقنت أنك توضأت فإياك أن تحدث وضوء حتى تستيقن إنك أحدثت ) ، فإن التحذير عقيب قوله عليه السلام ( إذا استيقنت ) يدل على إن اليقين بالطهارة متبع إلى الاستيقان بالحدث ، فلا يعتني بالشك في زوالها ، فدلالتها على الاستصحاب في موردها مما لا يخفى ، والتحذير المذكور في المقام مع جواز إتيان العمل بالرجاء وحسن الاحتياط ، إما لدفع الوسواس المحتمل الحصول بالاعتناء بالشكوك ، وإما لردع السائل على اعتقاد لزوم الاخذ بالاشتغال مع كون المورد مجرى للاستصحاب ، وكيف كان فدلالتها على الاستصحاب في الجملة واضحة ، هذه جملة ما استدل في المقام ولا ريب في دلالة بعضها مع صحة سنده على الاستصحاب . القول في مقدار دلالة هذه الأخبار وشمولها للأنواع المتصورة من حيث الشك والمشكوك وفي التفاصيل التي وقعت من الأصحاب ، فإنه طائفة منهم ذهبوا إلى حجية الاستصحاب تعبدا في الشبهات الموضوعية دون الحكمية ، وأخرى عمومها للبابين ، وفصل قوم بين الأحكام الوضعية والتكليفية ، فبعضهم على جواز استصحاب القسم الأول دون الثاني ، وبعضهم على ما سيأتي إن شاء الله تعالى مال إلى العكس فجوزه في الثاني فقط نظرا منه إلى إن مرجع الوضعيات إلى أمور عقلية غير مجعولة للشرع ، وحدث من الشيخ - ره - تفصيل آخر وهو الفرق بين ما كان مستنده ودليله العقل بمناط الملازمة بين الحدوث والبقاء ، وقد مر إنه لو تم ما ذكره لكان الامر كذلك في كل ما استند إلى الدليل اللبي ، أو إلى الخبر المتواتر معنى ، وبين ما لم يتكشف من قبله ، فاستشكل في القسم الأول دون الثاني ، وهناك تفصيل آخر أبدعه المحقق الخوانساري - قده - في شرح الدروس وهو الفرق بين الشك في المقتضى والشك في الرافع ، فسلم الاستصحاب في الثاني فقط ، والانصاف إنه لولا ما روى عن الخصال عن محمد بن مسلم من قول أمير المؤمنين عليه السلام - من كان على يقين فشك فليمض على يقينه - ولولا ظهور قوله عليه السلام فإن اليقين لا ينقض إلا باليقين - أو - لا يدخله الشك - لكان للخدشة في عموم دلالة الاخبار