فيه عينا ، أو منفعة ، وليس هذا الانصراف إلا لصدق عنوان التصرف في مال الغير ، وأما اتلاف مالية ملك الغير ، فلا يكون محققا لصدق التصرف في ملك الغير ، فسلطنة المالك مقتضية لجواز الحفر وسائر التصرفات في هذه الصورة ، وأما في الصورتين الأوليين ، فدليل السلطنة بذاته قاصر عن مثل ذلك الاتلاف ، ونتيجة عدم السلطنة ممنوعية الانسان عن التصرف في ماله ، المستلزم للتصرف في مال الغير ، فإن الناس مسلطون على أموالهم لا على أموال غيرهم ، والنكتة الفارقة بين المقامين في غاية الوضوح ، ومن العجب إن بعضهم جعل التعارض بين الضررين ، وحكم بالتساقط والرجوع إلى قاعدة السلطنة ، في صورة التصرف المضر بالغير ، وقد عرفت إنه لا مجال له ، وفذلكة الكلام ببيان وضح وأوفى بالمقصود ، هي إن التصرف في المال ، تارة يكون على نحو يستلزم التصرف في مال الغير ، ويكون مصداقا له ، كحركة آلة التخريب ، بحيث ينصدم جدار الغير ، ويكون سببا لهدمه ، فإن هذه الحركة ينتزع منها التصرف في مال الغير ، فيكون حراما ، وقاعدة السلطنة قاصرة عن شمول هذا التصرف ، لان نفس التصرف في هذه الصورة كان حراما ، وخارجا عن عموم قاعدة الناس مسلطون ، فالحركة التي ينتزع منها التصرف في ملك الغير وماله ، ولو لم يصدق عليها عنوان الاتلاف ، ولا عنوان التنقيص ، ولكن يصدق عليها التصرف في ملك الغير ، فتكون محرمة ، ولا تشمل قاعدة السلطنة مثلها ، فللغير أن يمنع عن هذا التصرف ، وتارة لا يوجب تصرفا في ملك الغير ، ولا يصدق عليه التصرف في مال الغير ، بل يوجب نقصا وتلفا في ملك الغير ، ويكون علة لتلف مال الغير عادة ، مثل حفر البالوعة في ملكه ، لغرض من الاغراض الصحيحة ، بحيث يوجب تخريب جدار الغير ، وكونه منشأ لاحداث الرطوبة فيه ، أو داره ، فيحرم أيضا هذا التصرف ، إلا مع الجبران ، لكن لا لكونه تصرفا في ملك الغير ، ومصداقا له ، بل لانطباقها على عنوان الاتلاف ، فحرمته من جهة الاتلاف لمال الغير ، ولذلك الغير منع الجار لو لم يجبر ، وإن لم نقل بوجوب حفظ مال الغير فإنه لا إشكال في حرمة إتلاف ماله ، وأخرى لا يكون كذلك ، فلا يصدق على تصرفه في ملك نفسه ، تصرف في ملك الغير ، ولا إتلافا لماله ، إلا بالمقدمات الغير العادية ، والظاهر إنه جائز لا محذور فيه ، وبالجملة إن الصورة الثالثة التي كان تصرف المالك في ملكه موجبا لتلف مال الغير ، بحيث