ومنها إن مقتضى قوله صلى الله عليه وآله ( الناس مسلطون على أموالهم ) ، أن يجوز لكل مالك أن يتصرف في ماله كيف ما شاء ، وعلى أي نحو أراد ، إلا أن تكون أفعاله التوليدية ، مما ينطبق عليه الاتلاف لمال الغير ، أو عرضه ، والاضرار به ، فإنه لا يفيد ثبوت السلطنة ، حتى في هذه الصورة ، فلو أراد شخص تحريك معوله ، أو عصاه في الفضاء المباح ، أو في قرب جداره المملوك ، بحيث يتولد منه انهدامه ، لكن لا يلزم منه تفويت حق أحد ، أو إضراره ، فله ذلك ، وليس لاحد أن يمنعه ، وأما لو تولد من هذا التحريك والتصرف في ملك نفسه إضرارا للغير ، وإتلاف عرضه ، أو ماله ، فليس له ذلك ، وللآخر منعه ، فلو فعل . فعل حراما ، وفوت على الغير حقه ، وعرضه ، وسلطنة ذي الحق على حفظه مقتضية لجواز إلزام الهادم على إعادة المهدوم والبناء ، هذا في صورة تفويت الجار حق جاره ، وأما في صورة انهدام الجدار بزلزلة أو غيرها ، مما تعد بلية سماوية ، فحقه في معرض الفوت ، ومفوت قهرا ، فلا يجب على الجار حفظه بإعادة الجدار ، وبالجملة يجب عليه ذلك ، في صورة التفويت ، لأنه ليس له ذلك ، وسلطنة الجار على حفظ العرض ، مقتضية لجواز الالزام بالإعادة في هذه الصورة ، فوجه نفي الضرر في المقام بالالزام بالإعادة ، نظير لنفيه في قضية سمرة ، فإن تصرف اللعين في الحائط ، وتحريكه لاقدامه فيه إلى نخلته ذهابا وإيابا ، كان مما يتولد منه إضرار عرض الأنصاري ، وتفويت حفظ عرضه ، مع إنه لم يكن له ذلك ، بخلاف الأنصاري فإنه كان له حفظ عرضه ، وهو لا يتحقق إلا بمنع سمرة عن الدخول إلى عذقه رأسا ، أو بقطعه وقطع يده عن ما ليته وشجرته ، أو بقلعها وقلع سلطنة اللعين على إبقاء نخلته في محلها ، مع إمكان إبقاء شجرتها بالغرس في مكان آخر ، ولما كان الأخير أهون ، فأمر الأنصاري به إعمالا لسلطنته على حفظ عرضه ، وردعا لذلك اللعين من ارتكاب ما لا يجوز له ، فتحصل مما مر ، إن مورد ذكر لا ضرر ، وتطبيقه في الروايات التي وصلت إلينا ، منحصرة في صورة استلزام تصرف شخص في ماله لتفويت عرض الغير ، أو ماله ، أو حقه الذي ليس لأحد مزاحمته ، أو حقه الذي يجوز ذلك فيه على كراهية ، وإن شأن لا ضرر في هذه الموارد ، من بيان لوازم عدم تسلط التصرف على ماله ، بنحو يتضرر به الغير ولا يلائم سلطنته التامة على ماله وعرضه ، فعدم مشروعية التصرف الكذائي ، لقصور في قاعدة السلطنة ، صار