لا نتعدى إلى غيره ، والمقام الثالث في بيان دلالتها ، فنقول إنها تحتمل وجوها ، منها أن يكون المراد ، لا حكم في الشرع ينشأ منه الضرر ، فيكون المنفي هو الحكم الضرري ، ومنها أن يكون المنفي هو نفس الضرر بحقيقته ، لكن لا كل ضرر ، سواء استند إلى تشريع الحكم ، أو عدم تشريعه ، أو إلى غيرهما من الأسباب التكوينية ، وثالثها أن يكون الضرر المنفي ، كناية عن الموضوعات الضررية ، كالوضوء الضرري ، والغسل الضرري ، والمعاملة الغبنية وغيرها ، وعلى هذا يكون نفي الموضوع ، باعتبار نفي أثره المجعول . ورابعها أن يكون النفي ، واردا في مقام النهي ، كما في قوله تعالى ( لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) ، فالمقام من قبيل نفي المقتضى بالفتح ، بنفي مقتضيه ، فلما كان الاضرار منهيا عنه ، ونهيه مقتضى لعدمه ، فنفي بهذا الاعتبار ، فهذه وجوه أربعة ، أولها ظاهر من الرسائل ، والثاني مختارنا ، والثالث مختار الكفاية ، والرابع مختار الشيخ الشريعة " قده " ، أما أول الوجوه ، وهو كون النفي متوجها إلى الحكم الضرري ، فظاهره الالتزام بالمجاز في الحذف ، كما إن لازمه عدم شمول القاعدة ، لمورد يلزم من عدم جعل الضرر ، كما في مورد خيار الغبن مثلا ، حيث لا حكم ضرري من الشارع ، حتى يرتفع بالقاعدة ، ولزوم العقد ، وهو عبارة عن وجوب الوفاء ، ليس إلا حكم تكليفي يدور مدار بقاء العقد وعدمه ، فلا يمكن إثبات موضوعه به ، فما لم ينحل يجب الوفاء به ، وأما ثاني الوجوه ، وهو احتمال أن يكون المنفي حقيقة الضرر ، لكن لا مطلقه ، بل الضرر الذي بيد الشارع اثباته ونفيه ، بإثبات منشائه ونفيه تشريعا ، نظير النسيان ، ومالا يطاق ، وما اضطر إليه ، وغيرها مما في فقرات حديث الرفع ، فلا يلزمه الالتزام بالمجاز في الحذف ، ولا عدم اندراج صورة استلزام عدم الجعل للضرر على أحد ، كالمغبون لو لم يجعل له الخيار ، فهذا أعم من الأول بهذا الاعتبار ، ولذا لو أردنا إرجاع كلام الشيخ ( ره ) إلى الوجه المختار ، فلا بد من توجيه كلامه ، بأن الضرر في الغالب ، لما كان مسببا عن المجعول ، لا عن غيره ، فلذا خص الحكم بالذكر في مقام بيان المنشأ ، وإلا فمراده أعم . وأما الثالث فهو مثل ظاهر الأول من هذه الجهة ، فإن نفي الموضوع تشريعا ، إنما يكون بلحاظ نفي أثره الشرعي ، وهو ما كان مجعولا له ، وجوديا كان أم عدميا ، وأما غير المجعول القابل للجعل ، فلا يعد من الآثار الشرعية لذاك الموضوع ، نعم لهذا الوجه