ولا ضرار ناظر إلى الاصرار على إضرار الغير ، هذا بالنسبة إلى معنى اللفظين ، وبيان الفرق بينهما ، وظهر من ذلك إن الضرار ليس توكيدا للضرر المذكور أولا كما قيل . والمقام الثاني في مدرك القاعدة ، وهو أخبار كثيرة وردت في موارد مختلفة ، وحيث إنها مستفيضة ، وقد عمل الأصحاب بها ، فيوثق بصدورها في الجملة ، فلا داعي إلى لحاظ سند كل منها بالخصوص ، والالتجاء إلى التصحيحات السندية ، والعمدة منها في المقام ، هو خبر سمرة ، لأنه أصح سندا ودلالة ، والاشكال الوارد عليه ، هو إن الانسان ، إذا كان له نخل في دار رجل ، فله السلطنة على الدخول عليها وإصلاحها ، والتردد إليها ، والمفروض إن قاعدة لا ضرر ، بملاحظة سوقها في مقام الامتنان ، لا تنفي سلطنة المالك على ماله ، لأنه خلاف الامتنان ، فمقتضى هذه القاعدة أن تكون حاكما على جميع أدلة الاحكام والتكاليف ، إلا مثل السلطنة من الاحكام الارفاقية ، فإنها أيضا امتنانية ، لا منة في نفيها ، لأنه خلاف الامتنان ، ولكن الشيخ الأجل الأنصاري " قده " قال بحكومتها على تمام أدلة الاحكام ، حتى السلطنة ، وبالجملة إن لا ضرر لا ينفي الحكم الارفاقي ، والمفروض إن السلطنة حكم إرفاقي ، فلا يكون رافعا لها ، ولذا قالوا بالخيار في المعاملة الغبنية ، ومنع الخيار ينافي الارفاق ، والقاعدة لو سلم تقدمها على تمام الخطابات ، بملاك الحكومة ، لكن موردها منحصر في الخطاب الذي لا ينافي رفعه الارفاق ، فلا يمكن تطبيق لا ضرر على هذا المورد ، ولذا استشكلوا على تطبيقه في قضية سمرة ، فلا بد من حل هذا الاشكال ، ويمكن حله بأن تطبيقه صلى الله عليه وآله على المورد ، من جهة إضرار سمرة ، حيث قال له النبي صلى الله عليه وآله : أعطيك في الجنة مثلها ، الخ ، فلم يقبل ، فقال صلى الله عليه وآله حينئذ : أنت رجل مضار . لو كان تطبيقه على المورد صحيحا ، لما احتاج إلى ذلك الالتماس ، بل كان يقول صلى الله عليه وآله : إن أول الامر لا حق لك ، بمقتضى لا ضرر ، ويقدم القاعدة على السلطنة ، فنكلف من ذلك إن تحكيمه صلى الله عليه وآله ، كان بنحو الولاية ، لا بملاك تقديم القاعدة على السلطنة ، ولذا قال صل الله عليه وآله : أنت رجل مضار ، أي كنت مصرا على الاضرار بالغير ، وكيف كان فمدرك القاعدة معتبر ، لا خدشة فيه ، غاية الامر إنه يكون التطبيق في هذه الموارد مجملا ، وهذا الاجمال لا يكون مضرا بالتمسك بالقاعدة ، ولو كنا عاجزين عن وجه التطبيق ، فلعله كانت خصوصية في تطبيقه على هذا المورد ،