ولو لم تكن ملحوظة عندنا ، وبأن المتكافئين يسقطان عن الحجية بالتعارض ، إلا إنه لا يخفي إن مآل المتبائنين إلى التساقط ، في مثل أكرم زيدا ، ولا تكرم زيدا ، فإنه لا يحتمل التخصيص في شئ ومنهما ، وأما إذا كانا عامين ، فيلزم أن لا يكون الموضوع للامر والنهي ، صريحا ونصا في إرادة جميع الافراد ، بل غاية دلالتهما عليها ، هو ظهورهما في إرادة الجميع ، ويمكن أن يكون كل من موضوعي الأمر والنهي ، لمناسبة بين الحكم والموضوع ظاهرا ، في بعض ما يندرج فيه ، ونصا في البعض الاخر ، مثلا إذا قيل أكرم العلماء ، يعلم عادة بأنه لو أريد تخصيص هذا الحكم والعموم ، فإنما يخرج عنه العالم الذي لا يستجمع الهاشمية ، والأعلمية ، والأروعية ، وسائر الكمالات الزائدة ، وأما إخراج المستجمع ، وإبقاء غيره ، ففي غاية البعد ، وكذا إذا قيل : لا تكرم العلماء ، يكون احتمال إخراج غير المستجمع أقوى ، دون العكس ، فدليل النهي إنما يدل بفحوى الخطاب ، على إن العالم الغير المستجمع مراد في موضوع النهي قطعا ، وأما غيره ، فالظهور مقتضى لمراديته ، فيكون نصا بالنسبة إلى غير الكامل ، وظاهرا بالنسبة الكامل ، بعكس دليل وجوب الاكرام ، ففي الصورة يطرح بنص كل ظاهر الاخر ، ويجتمع بينهما من دون انتهاء إلى التساقط ، وهذا مقرر في باب التعارض ، والظاهر إنه لا منكر له ، وإذا كان الامر كذلك ، فلا يخفى إن خبري الاستيقان والسجدة ، من هذا القبيل ، فإنه لو لم يخل زيادة الركن ، فغيره لا يخل بطريق أولى ، ولو أخل زيادة غير الركن ، فزيادة الركن مخل ، بالطريق الأولى ، فالخبر الأول نص وصريح في إخلال زيادة الركن ، وظاهر في إخلال زيادة ما عداه ، والثاني صريح في صحة العمل ، عند زيادة غير الركن ، وظاهر فيها ، مع زيادته ، فبنص كل يطرح ظاهر الاخر ، ويصير مقتضى الجمع بطلان الصلاة بزيادة ركن ، دون غيره ، وأما ما احتملناه سابقا ، من إنه لو سقطا بالتعارض ، لكان المرجع قوله عليه السلام : ( من زاد في صلاته فعليه الإعادة ) ، فهو في غير محله ، لأنه في عرض أدلة الاجزاء والشرائط ، ولا يشمل مرتبة العلم ، أو السهو ، أو الشك في الموضوع ، أو الحكم ، وإلا لزم أن يكون العلم الطريقي موضوعيا ، هذا تمام الكلام بما يناسب المقام .