الأول : إن خبر الصحة مطلقا ، ليس متكفلا لبيان حكم السهو ، من حيث صحة العمل وما يترتب على السهو في العمل الصحيح من سجدتي السهو ، بل هو مسوق لبيان وظيفة الساهي في العمل الصحيح ، وأما إن كلما وقع فيه زيادة أو نقيصة سهوية ، فهو صحيح ، فليس ناظر إليه ، فمفاده إن الزيادة والنقيصة السهويتين ، موجبتان للسجدتين ، فيما إذا كان ما وقعتا فيه صحيحا ، غير مختل الركن ، لا إنهما لا يخلان بالصحة أصلا ، وببيان آخر يمكن منع إطلاق هذا الخبر ، بالنسبة إلى دلالته على صحة المنسي منه ، والمزيد فيه ، وعليه فلا معارضة بين ( لا تعاد ) وخبر سجدتي السهو ، فإن أحدهما متكفل لبيان الصغرى ، والاخر للكبرى . الثاني : من الوجوه إنه لو سلم هذا الاطلاق ، وقيل بدلالة خبر السجدتين على كلتا الجهتين ، إحديهما صحة العمل مطلقا مع كل زيادة ونقيصة ، ركنية كانتا أو غيرها ، والأخرى وظيفة الساهي بإتيان السجدتين ، أمكن أن يقال بأنه لما كان من المقرر في محله ، إنه إذا وقع التعارض فيما بينهما العموم من وجه ، إنما يحكم بالتساقط بالنسبة إلى مادة الاجتماع ، فيما إذا لم يكن مرجح للاخذ بأحدهما بالخصوص ، ورفع اليد عن الاخر ، وأما على تقدير ثبوته ، فلا يحكم به ، وفي المقام لو أخذ بخبر الصحة ، مع أي زيادة ونقيصة ، يلزم لغوية الاستثناء ، لان المستثني في ( لا تعاد ) زيادة الركوع والسجود ونقصهما سهوا ، فلو لم تكونا موجبتين للبطلان بمقتضى خبر الصحة ، لكان استثنائهما عن غير الأركان لغوا ، فتصير صيانة الاستثناء عن اللغوية ، مرجحة للاخذ ( بلا تعاد ) ، صدرا وذيلا ، وتخصيص خبر الصحة بغير مورد الاستثناء . الثالث : إنه لو أغمض عن هذا أيضا ، أمكن أن يقال إنه ولو لم يكن مقتضى قاعدة التعارض ، رعاية النسبة المنقلبة بين المتعارضين ، إلا أنه ربما يكون في بعض تعارض العلمين من وجه ، ما يوجب الاخذ بأحدهما في مادة الاجتماع ، لصيرورته كالخاص ، فعنده يترتب على ما كان مترتبا ، عند رعاية النسبة المنقلبة ، ويشاركها في الثمرة والنتيجة ، مثلا إذا ورد أكرم العلماء ، ثم ورد لا تكرم الفساق ، ثم ورد أكرم فساق العلماء ، فحينئذ يخصص النهي بفساق غير العلماء ، وتكون معارضة النهي عن إكرام الفساق ، الشامل للعالم وغيره ، مع الامر بإكرام العلماء ، كانوا عدولا أو فساقا ، بالنسبة إلى الفاسق من