التعارض ( ص 213 ) والتعارض أكثر ما يوجب سقوط أحدهما غير المعين عن الحجية الفعلية لمكان التكاذب بينهما ، فيبقى الثاني غير المعين على ما هو عليه من الحجية الفعلية واقعا ، ولما لم يمكن تعيينه والمفروض أن الحجة الفعلية منجزة للتكليف يجب العمل بها ، فلابد من التخيير بينهما . والجواب : أن التخيير المقصود إما أن يراد به التخيير من جهة الحجية ، أو من جهة الواقع . فإن كان الأول : فلا معنى لوجوب التخيير بين المتعارضين ، لأن دليل الحجية الشامل لكل منهما في حد أنفسهما إنما مفاده حجية أفراده على نحو التعيين ، لا حجية هذا أو ذاك من أفراده لا على التعيين ، حتى يصح أن يفرض أن أحدهما غير المعين حجة يجب الأخذ به فعلا فيجب التخيير في تطبيق دليل الحجية على ما يشاء منهما . وبعبارة أخرى : إن دليل الحجية الشامل لكل منهما في حد نفسه إنما يدل على وجود المقتضي للحجية في كل منهما لولا المانع ، لا فعلية الحجية . ولما كان التعارض يقتضي تكاذبهما فلا محالة يسقط أحدهما غير المعين عن الفعلية ، أي يكون كل منهما مانعا عن فعلية حجية الآخر . وإذا كان الأمر كذلك فكل منهما لم تتم فيه مقومات الحجية الفعلية ليكون منجزا للواقع يجب العمل به ، فلا يكون أحدهما غير المعين يجب الأخذ به فعلا حتى يجب التخيير ، بل حينئذ يتساقطان ، أي أن كلا منهما يكون ساقطا عن الحجية الفعلية وخارجا عن دليل الحجية . وإن كان الثاني ، فنقول : أولا : لا يصح أن يفرض التخيير من جهة الواقع إلا إذا علم بإصابة