إن هذا المشهد لا يروي مخيلتك فقط بالمشاهد، بل ينقل لك معها
نفس موسى الطيبة وروحانيته، وتقواه، ومروءته، إنها صور كثيرة، لا لأشياء محسوسة
فقط.. بل لأشياء لا يمكن أن تلمسها، ولا أن تراها.
قلت: إن أي قصة في
الدنيا يمكن أن تتحول إلى مشاهد في ذهن المستمع.. وليس للقرآن مزية في ذلك.
قال: إن المشاهد
القرآنية مختلفة تماما، إن حياتها لا تنبعث من تصويرها للأحداث المحسوسة، بل تنبعث
من تصويرها لما وراء الأحداث، ولما قبلها، ولما بعدها.
ومع ذلك.. فاسمع أي
موضوع في القرآن تجده يصور لك أي شيء مهما غمض وخفي..
إن هذا مشهد عجيب، حافل
بالحركة، مشوب بالاضطراب، فيه تيه وضلال، وفيه هول ورعب، وفيه فزع وحيرة، وفيه
أضواء وأصداء.. صيب من السماء هاطل غزير فيه ظلمات ورعد وبرق.. كلما أضاء لهم مشوا
فيه.. وإذا أظلم عليهم قاموا حائرين لا يدرون أين يذهبون، وهم مفزعون يجعلون
أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت.
إن الحركة التي تغمر
المشهد كله من الصيب الهاطل، إلى الظلمات والرعد والبرق، إلى الحائرين المفزعين
فيه، إلى الخطوات المروعة الوجلة التي تقف عندما يخيم الظلام.. إن هذه الحركة في
المشهد