آية، وكيف انها تبدد الظلمات
الدامسة بنورها الوهاج. ومن بعد ذلك لا تتذوق وجه اعجاز القرآن من بين وجوهه
الكثيرة )
وكعادته في استعمال الأمثال، فقد ذكر المثال المقرب لهذه الحقيقة،
فقال:( واذا أردت مشاهدة اعظم درجة لأعجاز القرآن الكثيرة، فاستمع الى هذا المثال
وتأمل فيه: لنفرض شجرة عجيبة في منتهى العلو والغرابة وفي غاية الانتشار والسعة؛
قد اُسدل عليها غطاء الغيب، فاستترت طي طبقات الغيب.
فمن المعلوم أن هناك
توازناً وتناسباً وعلاقاتِ ارتباط بين اغصان الشجرة وثمراتها واوراقها وازاهيرها -
كما هو موجود بين اعضاء جسم الانسان - فكل جزء من أجزائها يأخذ شكلاً معيناً وصورة
معينة حسب ماهية تلك الشجرة.
فاذا قام احدٌ - من قِبل
تلك الشجرة التي لم تُشاهَد قط ولا تُشاهد - ورسم على شاشةٍ صورةً لكل عضو من اعضاء
تلك الشجرة، وحدّ له، بأن وضع خطوطاً تمثل العلاقات بين اغصانها وثمراتها
واوراقها، وملأ ما بين مبدئها ومنتهاها - البعيدين عن بعضهما بما لايحد - بصورٍ
وخطوط تمثل اشكال اعضائها تماماً وتبرز صورها كاملة.. فلا يبقى ادنى شك في أن ذلك
الرسام يشاهد تلك الشجرة الغيبية بنظره المطلع على الغيب ويحيط به علماً، ومن بعد
ذلك يصوّرها.
قلت: ما علاقة هذا
المثال بالقرآن؟.. أو كيف طبق هذا المثال على القرآن؟
قال: لقد ذكر بديع
الزمان ذلك، فقال:( فالقرآن المبين - كهذا المثال - ايضاً فان بياناته المعجزة
التي تخص حقيقة الموجودات (تلك الحقيقة التي تعود الى شجرة الخلق الممتدة من بدء
الدنيا الى نهاية الآخرة والمنتشرة من الفرش الى العرش ومن الذرات الى الشموس) قد
حافظت - تلك البيانات