نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 174
من كانت نيته الآخرة . . .
عليكم بسنتي وسنة المهديين من بعدي . . .
134 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : " من كانت نيته الآخرة جعل الله سبحانه غناه في قلبه [1] وأتته الدنيا وهي راغمة " ، وهذه استعارة ، والمراد أتته الدنيا من حيث لا يطلبها ودرت عليه منافعها من حيث لا يحتسبها ، فأقام عليه الصلاة والسلام مواتاة الدنيا من غير طلب مقام إتيانها راغمة وإقبالها عليه ضارعة . وأصل الرغم أن يلصق الانف بالرغام ، وهو التراب ، وقيل الرمل وليس يكاد يكون ذلك إلا عن غاية الخشوع ، ونهاية الخضوع [2] . 135 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : " عليكم بسنتي وسنة المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ " وهذا مجاز . والمراد أن اقطعوا عليها وقفوا عندها ، ولا تتجاوزوها إلى غيرها . كما أن من شدد العض بنواجذه على الشئ الذي يتأتى فيه القطع قطعه . والنواجذ أقصى الأضراس ، وهي أقواها وأمضاها . وقد يجوز أن يكون المراد الامر بلزوم سنته عليه الصلاة والسلام
[1] المراد جعل الله غناه في نفسه كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : إن الغنى غنى النفس ، أي أنها لا تشتهي ولا تطلب من الدنيا إلا ما يقيم أودها ويقضى مصالحها ، ولا تنظر إلى ما في أيدي الناس من زينتها وتحاول الحصول عليه من كل مكان . [2] ما في الحديث من البلاغة : في الحديث استعارة تبعية ، حيث شبه انقياد الدنيا بوضع الانف في الرغام ، واشتق من الرغم بمعنى الخضوع والانقياد ، راغمة بمعنى خاضعة على طريق الاستعارة التبعية ، وأرى أن الأولى اعتبار ما في الحديث كنا عن خضوع الدنيا ، حيث إن رغم الانف يستلزم الخضوع .
نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 174