نام کتاب : الحاشية على أصول الكافي نویسنده : محمد بن حيدر النائيني جلد : 1 صفحه : 444
على أن يُبيِّنوا التوحيدَ بمثل ما أتى به - بأبي وأُمّي - ما قَدَروا عليه ، ولولا إبانته ( عليه السلام ) ما عَلِمَ الناسُ كيف يَسلُكونَ سبيلَ التوحيد ، ألا تَرَوْنَ إلى قوله : " لا من شئ كانَ ، ولا من شئ خَلَقَ ما كانَ " فنفى بقوله : " لا من شئ كانَ " معنى الحدوث . وكيف أوقَعَ على ما أحدَثَه صفةَ الخَلْق والاختراعِ بلا أصل ولا مثال ، نفياً لقول من قالَ : إنّ الأشياء كلَّها مُحدَثَةٌ بعضُها من بعض ، وإبطالا لقول الثنويّة الذين زَعَموا أنّه لا يُحْدِثُ شيئاً إلاّ من أصل ، ولا يُدَبِّرُ إلاّ باحتذاء مثال . فَدَفَعَ ( عليه السلام ) بقوله : " لا من شئ خلق ما كانَ " جميع حُجج الثنويّة وشُبَهِهم ؛ لأنّ أكثرَ ما يَعتمدُ الثنويّةُ في حدوث العالَم أن يقولوا لا يَخْلو من أن يكونَ الخالقُ خَلَقَ الأشياء من شئ أو من لا شئ ، فقولهم : من شئ خطأٌ ، وقولهم من لا شئ مناقضةٌ وإحالةٌ ؛ لأنَّ " من " توجب شيئاً و " لا شئ " تَنْفِيهِ ؛ فأخرَجَ أميرُ المؤمنين ( عليه السلام ) هذه اللّفظة على أبلَغِ الألفاظِ وأصَحِّها ، فقال : " لا من شئ خلق ما كان " فَنَفى " مِن " إذ كانت توجب شيئاً ، ونَفى " الشئ " إذ كان كلُّ شئ مخلوقاً مُحْدَثاً لا من أصل أحْدَثَه الخالقُ ، كما قالت الثنويّة : إنّه خَلَقَ من أصل قديم ، فلا يكونُ تدبيرٌ إلاّ باحتذاء مثال . ثمَّ قوله ( عليه السلام ) : " ليسَتْ له صفةٌ تُنالُ ولا حَدٌّ تُضْرَبُ له فيه الأمثالُ ، كَلَّ دونَ صفاته تَحبيرُ اللُّغات " فنفى ( عليه السلام ) أقاويل المشبِّهةِ حينَ شَبَّهوهُ بالسَّبيكَةِ والبِلَّوْرَةِ ، وغير ذلك من أقاويلهم من الطول والاستواء ، وقولهم : " متى ما لم تَعْقِدِ القلوبُ منه على كيفيّة ، ولم تَرْجِعْ إلى إثبات هَيئة لم تَعْقِلْ شيئاً ، فلم تُثْبِتْ صانعاً " فَفَسَّرَ أميرُ المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه واحدٌ بلا كيفيّة ، وأنّ القلوبَ تَعْرِفُه بلا تصوير ولا إحاطة . ثمّ قوله ( عليه السلام ) : " الّذي لا يَبلُغُه بُعدُ الهِمَمِ ولا يَنالُه غَوْصُ الفِطَنِ ، وتعالى الذي ليس له وقتٌ معدودٌ ، ولا أجلٌ ممدودٌ ، ولا نعتٌ محدودٌ " ؛ ثمَّ قوله ( عليه السلام ) : " لم يَحْلُلْ في الأشياء ، فيقالَ : هو فيها كائن ، ولم يَنأ عنها ، فيقالَ : هو منها بائنٌ " فنفى ( عليه السلام ) بهاتين الكلمتين صفةَ الأعراض والأجسامِ ؛ لأنَّ مِن صفة الأجسام التباعُدَ والمباينةَ ، ومن صفة الأعراضِ الكونَ في الأجسام بالحلول على غير مُماسَّة ، ومُبايَنَة الأجسامِ على تراخي المسافة . ثمَّ قال ( عليه السلام ) : " لكن أحاطَ بها علمُه وأتْقَنَها صُنْعُه " أي هو في الأشياء بالإحاطة والتدبير
نام کتاب : الحاشية على أصول الكافي نویسنده : محمد بن حيدر النائيني جلد : 1 صفحه : 444